قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لفرعون : اليوم نجعلك على نجوة من الأرض ببدنك ، ينظر إليك هالكا من كذب بهلاكك ( لتكون لمن خلفك آية ) ، يقول : لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون بك ، فينزجرون عن معصية الله ، والكفر به والسعي في أرضه بالفساد . [ ص: 195 ]
و " النجوة " الموضع المرتفع على ما حوله من الأرض ، ومنه قول أوس بن حجر :
فمن بعقوته كمن بنجوته والمستكن كمن يمشي بقرواح
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
17868 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه ، عن أبي السليل عن قيس بن عباد وغيره قال : قالت بنو إسرائيل لموسى : إنه لم يمت فرعون ! قال : فأخرجه الله إليهم ينظرون إليه مثل الثور الأحمر .
17869 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا عن ابن علية سعيد الجريري عن أبي السليل عن قيس بن عباد قال وكان من أكثر الناس ، أو أحدث الناس عن بنى إسرائيل قال : فحدثنا أن أول جنود فرعون لما انتهى إلى البحر ، هابت الخيل اللهب .
قال : ومثل لحصان منها فرس وديق ، فوجد ريحها أحسبه أنا قال : فانسل فاتبعته . قال : فلما تتام آخر جنودفرعون في البحر ، وخرج آخر بني إسرائيل ، أمر البحر فانطبق عليهم ، فقالت بنو إسرائيل : ما مات فرعون وما كان ليموت أبدا! فسمع الله تكذيبهم نبيه ، قال : [ ص: 196 ] فرمى به على الساحل كأنه ثور أحمر ، يتراءاه بنو إسرائيل .
17870 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا قال : حدثنا يحيى بن واضح موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب عن : ( عبد الله بن شداد فاليوم ننجيك ببدنك ) ، قال : " بدنه " ، جسده ، رمى به البحر .
17871 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن مجاهد : ( فاليوم ننجيك ببدنك ) قال : بجسدك .
17872 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .
17873 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج عن عن ابن جريج مجاهد مثله .
17874 - حدثنا تميم بن المنتصر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا الأصبغ بن زيد عن القاسم بن أبي أيوب قال : حدثني سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما جاوز موسى البحر بجميع من معه ، التقى البحر عليهم يعني على فرعون وقومه فأغرقهم ، فقال أصحاب موسى : إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق ، ولا نؤمن بهلاكه! فدعا ربه فأخرجه فنبذه البحر ، حتى استيقنوا بهلاكه .
17875 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ) ، يقول : أنكر ذلك طوائف من بني إسرائيل فقذفه الله على ساحل البحر ينظرون إليه .
17876 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة : ( لتكون لمن خلفك آية ) ، قال : لما أغرق الله فرعون لم تصدق طائفة من الناس بذلك ، فأخرجه الله آية وعظة .
17877 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا [ ص: 197 ] ابن التيمي عن أبيه ، عن أبي السليل ، عن قيس بن عباد أو غيره ، بنحو حديث ابن عبد الأعلى عن معمر .
17878 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عبد الله بن رجاء عن عن ابن جريج عبد الله بن كثير عن مجاهد : ( فاليوم ننجيك ببدنك ) ، قال : بجسدك .
17879 - قال : حدثنا عن محمد بن بكر قال : بلغني عن ابن جريج مجاهد : ( فاليوم ننجيك ببدنك ) ، قال : بجسدك .
17880 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن قال : كذب بعض ابن جريج بني إسرائيل بموت فرعون فرمى به على ساحل البحر ليراه بنو إسرائيل ، قال : أحمر كأنه ثور .
وقال آخرون : تنجو بجسدك من البحر ، فنخرجه منه .
ذكر من قال ذلك :
17881 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ) ، يقول : أنجى الله فرعون لبني إسرائيل من البحر ، فنظروا إليه بعد ما غرق .
فإن قال قائل : وما وجه قوله : ( ببدنك ) ؟ وهل يجوز أن ينجيه بغير بدنه ، فيحتاج الكلام إلى أن يقال فيه ( ببدنك ) ؟
قيل : كان جائزا أن ينجيه بهيئته حيا كما دخل البحر . فلما كان جائزا [ ص: 198 ] ذلك قيل : ( فاليوم ننجيك ببدنك ) ، ليعلم أنه ينجيه بالبدن بغير روح ، ولكن ميتا .
وقوله : ( وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون )
، يقول ، تعالى ذكره : ( وإن كثيرا من الناس عن آياتنا ) ، يعني : عن حججنا وأدلتنا على أن العبادة والألوهة لنا خالصة ( لغافلون ) ، يقول : لساهون ، لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها .