[ ص: 194 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ( 91 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، معرفا فرعون قبح صنيعه أيام حياته وإساءته إلى نفسه أيام صحته ، بتماديه في طغيانه ، ومعصيته ربه ، حين فزع إليه في حال حلول سخطه به ونزول عقابه ، مستجيرا به من عذابه الواقع به ، لما ناداه وقد علته أمواج البحر ، وغشيته كرب الموت : ( آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ) له ، المنقادين بالذلة له ، المعترفين بالعبودية الآن تقر لله بالعبودية ، وتستسلم له بالذلة ، وتخلص له الألوهة ، وقد عصيته قبل نزول نقمته بك ، فأسخطته على نفسك ، وكنت من المفسدين في الأرض ، الصادين عن سبيله ؟ فهلا وأنت في مهل ، وباب التوبة لك منفتح ، أقررت بما أنت به الآن مقر ؟