وفي هذه السنة توجه إبراهيم بن الأشتر إلى عبيد الله بن زياد لحربه ، وذلك لثمان بقين من ذي الحجة .
وقد ذكرنا أن المختار وجه لقتال أهل إبراهيم بن الأشتر العراق ، فلما وثب أهل الكوفة لقتال المختار بعث إلى ابن الأشتر فرده .
فلما نصر عليهم عاد فأشخصه إلى الوجه الذي بعثه فيه ، فخرج يوم السبت لثمان بقين من ذي الحجة ، وخرج معه المختار وبين يديه كرسي كان يستنصر به ، فناجزهم ساعة تلقاهم .
وفي ذلك الكرسي قولان:
أحدهما: أن طفيل بن جعدة قال: كنت قد أملقت ، فرأيت جارا لي زياتا له كرسي قد أعلاه الوسخ ، فخطر ببالي أن لو قلت للمختار في هذا ، فأخذت الكرسي وأتيت المختار وقلت: إني كنت أكتمك شيئا وقد بدا لي أن أذكره ، وهو كرسي كان لجعدة بن هبيرة كان يجلس عليه ويرى أن فيه أثرة من علم ، فقال: ابعث به ، وأمر لي باثني عشر ألفا ، ثم دعا: الصلاة جامعة ، وقال: إنه لم [ ص: 62 ] يكن في الأمم الخالية أمر إلا وهو كائن في هذه الأمة مثله ، وإنه كان في بني إسرائيل التابوت ، وإن هذا فينا مثل التابوت ، فرفعوا أيديهم ، فلما قيل لهم: هذا عبيد الله بن زياد قد نزل بأهل الشام خرج بالكرسي على بغل يمسكه عن يمينه سبعة ، وعن يساره سبعة ، فندم طفيل على ما فعل .
القول الثاني: إن المختار قال لآل جعدة بن هبيرة -وكانت أم جعدة أم هانئ أخت علي بن أبي طالب-: ائتوني بكرسي فقالوا: والله ما هو عندنا ، فقال: ائتوني به ، وظن القوم أنهم لا يأتونه بكرسي ، ويقولون: هذا هو إلا قبله منهم . فجاءوا بكرسي وقالوا: هذا هو . ثم قال المختار لابن الأشتر: خذ عني ثلاثا: علي بن أبي طالب ،
خف الله عز وجل في سر أمرك وعلانيته ، وعجل السير ، وإذا لقيت عدوك فناجزهم ساعة تلقاهم .
أخبرنا المبارك بن أحمد الأنصاري ، قال: أخبرنا أبو محمد بن السمرقندي ، قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، القاضي أبو الحسين علي بن محمد بن حبيب البصري ، قال: حدثنا محمد بن المعلى بن عبد الله الأزدي ، قال:
أخبرنا أبو جزء محمد بن حمدان القشيري ، قال: حدثنا عن أبو العيناء ، أبي أنس الحراني ، قال: قال المختار لرجل من أصحاب الحديث: ضع لي حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أني كائن بعده خليفة ، وطالب له ثرة ولده ، وهذه عشرة آلاف درهم وخلعة ومركوب وخادم ، فقال الرجل: أما عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا ، ولكن اختر من شئت من الصحابة واحطط من الثمن ما شئت ، قال: عن النبي آكد ، قال: والعذاب عليه أشد .