وفي هذه السنة قدمت الخشبية مكة
وكان السبب في ذلك أن حبس عبد الله بن الزبير ومن معه من أهل بيته ، وسبعة عشر رجلا من وجوه أهل محمد ابن الحنفية الكوفة بزمزم ، وكرهوا البيعة لمن لم تجتمع عليه الأمة ، وهربوا إلى الحرم ، وتوعدهم بالقتل والإحراق ، وأعطى الله عهدا إن لم يبايعوه أن ينفذ فيهم ما توعدهم به ، وضرب لهم في ذلك أجلا ، فأشار بعض من كان مع عليه أن يبعث إلى ابن الحنفية المختار وإلى من بالكوفة رسولا يعلمهم حالهم ، وما توعدهم به ابن الزبير ، فوجه ثلاثة نفر إلى المختار وأهل الكوفة حين نام الحرس على باب زمزم ، وكتب إليهم يعلمهم بالحال ويسألهم أن لا يخذلوه كما خذلوا الحسين وأهل بيته ، فقدموا على المختار ، فدفعوا إليه الكتاب ، فنادى في الناس وقرأ عليهم الكتاب ، وقال:
هذا كتاب مهديكم ، وصريح أهل بيت نبيكم ، وقد تركوا ينتظرون التحريق بالنار ، ولست أبا إسحاق إن لم أنصرهم نصرا مؤزرا ، وإن لم أسرب إليهم الخيل في أثر الخيل كالسيل حتى يحل بابن الكاهلية الويل .
ووجه أبا عبد الله الجدلي في سبعين راكبا ومعه ظبيان بن عمير في أربعمائة راكب ، وأبا المعتمر في مائة ، وهانئ بن قيس في مائة ، وعمير بن طارق في أربعين ، ويونس بن عمران في أربعين . وخرج أبو عمران حتى نزل ذات عرق ، ولحقه ابن طارق وسار بهم حتى دخلوا المسجد الحرام وهم ينادون: يا لثارات الحسين ، حتى انتهوا إلى زمزم وقد أعد الحطب ليحرقهم ، وكان قد بقي من الأجل يومين ، فطردوا الحرس وكسروا أعواد زمزم ، ودخلوا على ابن الزبير فقالوا له: خل بيننا وبين عدو [ ص: 61 ] الله ابن الحنفية ، فقال لهم: إني لا أستحل القتال في حرم الله عز وجل ، ثم تتابع المدد فخرج ابن الزبير ، في أربعة آلاف . ابن الحنفية