ثم دخلت سنة اثنتين وستين
فمن الحوادث فيها مقدم وفد المدينة على يزيد ومبايعتهم محمد بن حنظلة
وكان السبب في ذلك أن يزيد لما عزل عمرو بن سعيد ، وولى قدم الوليد [ الوليد بن عتبة ، المدينة ] فأخذ غلمانا لعمرو ، نحوا من ثلاثمائة فحبسهم ، فكلمه فيهم عمرو فأبى أن يخليهم ، فخرج عمرو من المدينة وكتب إلى غلمانه: إني باعث إلى كل رجل منكم جملا وأداته ، تناخ لكم بالسوق ، فإذا أتاكم رسولي فاكسروا باب السجن ، ثم ليقم كل رجل منكم إلى جمله فليركبه ، ثم أقبلوا علي .
ففعل ذلك ، فقدم على يزيد ، فرحب به وعاتبه على تقصيره في أشياء يأمره بها في فقال: يا أمير المؤمنين: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، وإن جل أهل الحجاز مالوا إليه ، ولم يكن معي جند أقوى عليه لو ناهضته ، فكنت أداريه لأتمكن منه ، مع أني قد ضيقت عليه ، فجعلت على ابن الزبير ، مكة وطرقها رجالا لا يدعون أحدا يدخلها حتى يكتبوا لي اسمه واسم أبيه ، وما جاء به ، فإن كان ممن أرى أنه يريده رددته صاغرا ، وقد بعثت الوليد وسيأتيك من عمله ما تعرف به فضل مبايعتي ومناصحتي .
[ ص: 7 ]
فعزل يزيد الوليد ، وبعث عثمان بن محمد بن أبي سفيان وهو حدث لم يحنكه السن ، وكان لا يكاد ينظر في شيء من عمله . وبعث إلى يزيد وفدا من المدينة فيهم عبد الله بن حنظلة الغسيل ، والمنذر بن الزبير ، فأكرمهم وأجازهم ، ثم رجعوا إلى المدينة فأظهروا شتم يزيد ، وقالوا: قدمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب الخمر ، ويعزف بالطنابير ويلعب بالكلاب ، وإنا نشهدكم أنا قد خلعناه .
وقال المنذر: والله لقد أجازني بمائة ألف درهم ، وإنه لا يمنعني ما صنع إلي أن أصدقكم عنه ، والله إنه ليشرب الخمر ، وإنه ليسكر حتى يدع الصلاة . ثم بايعوا عبد الله بن حنظلة .
وفيها: حج بالناس وكان العمال على البلاد في هذه السنة هم العمال في السنة التي قبلها ، وقد ذكرناهم . الوليد بن عتبة ،