فمن الحوادث فيها: خيبر غزوة
في جمادى الأولى ، وخيبر على ثمانية برد من المدينة . وذلك خيبر ، [وخرج] واستخلف على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالتهيؤ لغزوة المدينة سباع بن عرفطة ، وأخرج معه زوجته ، فلما نزل بساحتهم أصبحوا وأفئدتهم تخفق وفتحوا حصونهم ، وغدوا إلى أعمالهم معهم المساحي [والكرازين] والمكاتل ، فلما نظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: محمد والخميس - [يعنون بالخميس الجيش] - فولوا هاربين إلى حصونهم ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الله أكبر خربت أم سلمة خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" . ووعظ الناس وفرق عليهم الرايات ، ولم تكن الرايات إلا يوم خيبر إنما كانت الألوية ، فكانت راية النبي صلى الله عليه وسلم السوداء من بحرد رضي الله عنها تدعى العقاب ، ولواؤه أبيض ودفعه إلى لعائشة رضي الله عنه ، وراية إلى علي بن أبي طالب الحباب بن المنذر ، وراية إلى وكان شعارهم: "يا منصور أمت" . سعد بن عبادة ،
وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائتا فرس ، فقاتل المشركين وقاتلوه أشد قتال ، وقتلوا من أصحابه ، وقتل منهم ، وفتحها حصنا حصنا ، وهي حصون ذوات عدد ، منها: النطاة ، [ ص: 294 ] ومنها حصن الصعب بن معاذ ، وحصن ناعم ، وحصن قلعة الزبير ، والشق [وبه] حصون ، منها: حصن أبي ، وحصن النزار ، وحصون الكتيبة ، منها: القموص والوطيح وسلالم ، وهو حصن ابن أبي الحقيق ، وأخذ كنز آل أبي الحقيق - وكانوا قد غيبوه في خربة - فدله الله عليه فاستخرجه وقتل منهم ثلاثة وتسعين رجلا من يهود ، منهم:
الحارث أبو زينب ، ومرحب ، وأسير ، وياسر ، وعامر ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وأخوه .
بخيبر واستشهد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبو ضياح بن النعمان في خمسة عشر رجلا ، وأمر بالغنائم فجمعت واستعمل عليها فروة بن عمر البياضي ، ثم أمر [بذلك] فجزئ خمسة أجزاء ، وكتب في سهم منها لله ، وأمر ببيع الأربعة أخماس في من يزيد ، فباعها فروة وقسم ذلك بين أصحابه . وكان الذي ولي إحصاء الناس فأحصاهم ألفا وأربعمائة ، والخيل مائتي فرس ، وقدم زيد بن ثابت الدوسيون فيهم وقدم أبو هريرة ، الأشعريون ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ، [فلحقوه بها] ، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يشركوهم في الغنيمة ففعلوا ، وأهل السفينتين من عند جعفر بن أبي طالب بعد فتح خيبر النجاشي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أدري بأيهما أسر: بقدوم وقدم جعفر ، أو بفتح خيبر" ؟ صفية بنت حيي ممن سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ، فأعتقها وتزوجها . وكانت
قال : قاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم وغلبهم على الأرض والنخل ، فصالحهم على أن تحقن دماءهم ولهم ما حملت ركابهم ، وللنبي صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والسلاح ويخرجهم ، وشرطوا للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكتموه شيئا ، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد ، فلما وجد المال الذي غيبوه في مسك الجمل سبى نساءهم ، وغلبهم على الأرض والنخل ودفعها إليهم على الشطر ، فكان ابن عمر يخرصها عليهم ويضمنهم الشطر . ابن رواحة أن
أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري ، قال: أخبرنا أبو [ ص: 295 ] عمرو بن حيويه ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف الخشاب ، قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال: أخبرنا محمد بن سعد ، قال: حدثنا هاشم بن القاسم ، قال: أخبرنا قال: أخبرنا عكرمة بن عمار ، إياس بن سلمة بن الأكوع ، قال: أخبرني أبي ، مرحب اليهودي ، فقال مرحب:
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهبفقال عمي:
قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغاور
تالله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
والكافرون قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا فثبت الأقدام إن لاقينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من هذا" ؟ قالوا: عامر ، قال: "غفر لك ربك" ، قال: وما [ ص: 296 ] استغفر لإنسان قط يخصه إلا استشهد ، فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال: يا رسول الله ، لولا متعتنا بعامر ، فتقدم فاستشهد .
قال سلمة: ثم إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إلى وقال: "لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله" فجئت به أقوده أرمد ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ، ثم أعطاه الراية ، فخرج مرحب يخطر بسيفه ، فقال: علي ،
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
فقال علي رضي الله عنه مجيبا:
أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره
ففلق رأس مرحب ، وكان الفتح على يديه . قال قال: بارز عمي يوم خيبر ابن سعد : وروي عن قال: ابن عباس ، صفية أم امرأة ، فإن كانت امرأة فإنه سيحجبها ، وإلا فهي سرية ، فلما خرج أمر بستر يستر دونها ، فعلم الناس أنها امرأة ، فلما أرادت أن تركب أدنى فخذه [منها لتركب عليها ، فأبت ووضعت ركبتها على فخذه] ثم حملها ، فلما كان الليل نزل فدخل الفسطاط ودخلت معه ، وجاء فبات عند أبو أيوب الفسطاط ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع الحركة ، فقال: "من هذا" ؟ فقال: أنا فقال: أبو أيوب ،
"ما شأنك" ؟ قال: يا رسول الله جارية شابة حديثة عهد بعرس ، وقد صنعت بزوجها ما صنعت ، فلم آمنها ، قلت: إن تحركت كنت قريبا منك . فقال: "رحمك الله يا مرتين . أبا أيوب" [ ص: 297 ] لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج من خيبر ، قال القوم: الآن نعلم أسرية
قال ابن سعد : وأخبرنا عفان ، قال: أخبرنا قال: أخبرنا حماد بن سلمة ، ثابت ، عن قال: أنس ،
وقعت صفية في سهم - وكانت جارية جميلة - فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس ودفعها إلى دحية تصنعها وتهيئها ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليمتها التمر والأقط [والسمن] ، قال: ففحصت الأرض أفاحيص وجيء بالأنطاع فوضعت فيها ثم جيء بالأقط والسمن والتمر ، فشبع الناس . أم سليم
قال ابن سعد : قال أنس: ثم صارت بعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقها ثم تزوجها ، وجعل عتقها صداقها . دحية الكلبي ، كان في ذلك السبي صفية بنت حيي ، فصارت إلى
قال محمد بن حبيب: في هذه الغزاة أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والصبيان سهما ، وأسهم لمن غزا معه من اليهود .
وفيها: زينب امرأة [سلام] بن مشكم ، أهدت له شاة مسمومة ، فأكل منها ، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاعترفت فقتلها ، ويقال: بل عفى عنها سم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمته