[صلب اثنين من العيارين في درب الدواب]
وفي ثاني عشر شوال: صلب اثنان في درب الدواب من العيارين بسبب أنهما جبيا الدرب .
وفي ثامن عشر: سد على باب السور الذي على باب السلطان بآجر وطين ، وكان السبب أن العسكر خرجوا يطاردون فغدر منهم جماعة ومضوا إلى مسعود .
وفي تاسع عشر: قبض على ابن كسبرة ، وأخذ أخذة هائلة ، ووكل به ، وكبس بيته وأثبت جميع ما فيه ، فلما كانت ليلة الأربعاء أخرج وقت ضرب الطبل ، ونصبت له خشبة في الرحبة ، وأخذ مع امرأة مسلمة كان يتهم بها وكانت مستحسنة ، فجيء بحلة من قصب وجعلت المرأة فيها وضربها النفاط بالنار فاحترقت الحلة ، وخرجت المرأة هاربة عريانة ، فعفي عنها وقد نالها بعض الحريق ، وقدم هو ليقتل وقيل للقاتل: اعرض عليه الإسلام ، فقال: أخشى أن أقتل بعد ذلك ، فأسلم فآمنوه .
وجاء ركابي لزنكي فأخذه العيارون فقتلوه فشكا ذلك زنكي ، وقال: أريد أن أكبس الشارع والحريم على العيارين فأطلق في ذلك فنهب الشارع والحريم وأخذ ما قيمته خمسمائة ألف دينار من الأبريسم والثياب والذهب والفضة والمصاغ ، وكان فيه ودائع أهل حنيفة والرصافة والمحال والقرى .
وفي غرة ذي القعدة: أحضر الغزنوي فنصب له منبر فتكلم عند السرادق وكان السبب ضيق صدر وجده أمير المؤمنين ، [واستغاث الناس ليطلقوا في الخروج ، فقيل لهم ينبغي أن تصرفوا نفقاتكم إلى الجهاد بين يدي أمير المؤمنين] ، ونفذ مسعود [ ص: 311 ] عسكرا إلى واسط فأخذها والنعمانية فنهبها وضرب بقاع جازر ، فمضى البازدار فجلس بإزائه ونفذ العساكر ، ومضى الراشد سيف الدولة يطلب الحلة ، ونودي لا يبقى ببغداد من العسكر أحد ، فرحل الناس وخرج فضرب الراشد بصرصر واستشعر بعض العسكر من بعض ، فخشي زنكي من البقش والبازدار فعاد إلى ورائه ، فرجع أكثر العسكر منهزمين ، ودخل الراشد بغداد وقيل إن السلطان مسعودا كاتب زنكي سرا وحلف له أنه يقاره على بلاده وعلى الشام جميعه ، وكاتب الأمراء ، وقال: من منكم قبض على زنكي وقتله أعطيته بلاده فعرف زنكي ذلك فأشار على أن يرحل صحبته . الراشد
وفي ثاني ذي القعدة: قبض على أستاذ الدار وعلى صاحب المخزن ، وعلى ابن جهير ، خليفة الدويتي وعلى ابن فيه الناظر في نفقة المخزن ، وخلع على منكوبرس ، ثم جلس أبو الفتوح بباب السرادق ، فاستغاث إليه الحاج فأجيبوا بمثل ما قيل لهم قبل ذلك .
فلما كانت ليلة السبت رابع عشر ذي القعدة وزنكي قائم ينتظره [فدخل دار برنقش ] ولم ينم الناس وأصبحوا على خوف شديد ، فأخرجت خرج الخليفة من باب البشرى وسار ليلا خاتون أصحابها فحفظت باب النوبي ، وظهر أبو الكرم الوالي [وحاجب الباب ، فسكنوا الناس ، وخرج أبو الكرم ] يطلب الخليفة فأخذ وحمل إلى مسعود ، فأطلقه وسلم إليه البلد .
ورحل يوم السبت حين طلعت عليه الشمس ولم يصحبه شيء من آلة السفر لأنه لما بات في دار الراشد برنقش أصبحوا ، فقال لهم: اليوم مقام فأقضوا أشغالكم ، فعبر ريحان الخادم ليحمل له طعاما ، وعبر ابن الملقب ليفصل له ثيابا واهتم السفارون والمكارية بما يصلحهم ، فرحل على غفلة فهموا بالعبور ولم يقدروا .
ودخل مسعود إلى بغداد يوم الأحد خامس عشر الشهر ونهبت دواب الجند ، [ ص: 312 ] وكان الخليفة قد سلم الدار ومفاتيحها إلى خاتون ، ووصل صافي الخادم فقال إن الخليفة لم يفعل صوابا بذهابه ، وإن السلطان له على نية صالحة ، وسكن الناس ولم ينقطع ضرب الطبل ، وإيقاد المنار ، وكان أصحاب خاتون يقصدون باب النوبي للخدمة ، ولما دخل السلطان بغداد أظهر العدل وشحن المحال ومنع النزل والنهب ، واستمال قلوب الناس ، وجمع القضاة والشهود عند السلطان مسعود وقدحوا في وتولى ذلك الراشد الزينبي ، وقيل: لم يقدحوا فيه إنما أخرج السلطان خطه ، وكان قد كتب مع بكبه: إنني متى جندت أو خرجت فقد خلعت نفسي من الأمر ، فشهد الشهود أن هذا خط الخليفة ، والأول أظهر .
وأحكم الوزير النوبة ، وأحضر الفقهاء والقضاة وخوفهم وهددهم إن لم يخلعوه ، وكتب محضر فيه أن علي بن طراد أبا جعفر بن المسترشد بدا من أفعاله وقبح سيرته وسفكه الدماء المعصومة وفعل ما لا يجوز معه أن يكون إماما ، وشهد بذلك ابن الكرجي ، والهيتي ، وابن البيضاوي ، ونقيب الطالبيين ، وابن الرزاز ، وابن شافع ، وروح بن الحديثي ، وقالوا: إن ابن البيضاوي شهد مكرها ، وحكم ابن الكرجي قاضي البلد بخلعه يوم الاثنين سادس عشر الشهر بحكم الحاكم وولي [ ص: 313 ] المقتفي .