[زيادة الفتن في بغداد]
وزادت بغداد ، وتعرض أصحاب الفتن في أبي الفتوح بمسجد ابن جردة فرجموا ورجم معهم أبو الفتوح ، وكان إذا ركب يلبس الحديد ومعه السيوف المجذبة تحفظه ، ثم اجتاز بسوق الثلاثاء فرجم ورميت عليه الميتات . ومع هذا يقول: ليس هذا الذي نتلوه كلام الله إنما هو عبارة ومجاز ، والكلام الحقيقي قائم بالنفس . فينفر أهل السنة كلما سمعوا هذا ، فلما كان اليوم الذي دفن فيه أبو الحسن ابن الفاعوس انقلبت بغداد لموته ، وغلقت الأسواق ، وكان الحنابلة يصيحون على عادتهم هذا يوم سني حنبلي لا قشيري ولا أشعري ، ويصرخون بسبب أبي الفتوح ، فمنعه من الجلوس ، وأمر أن لا يقيم المسترشد ببغداد ، وكان ابن صدقة يميل إلى مذهب أهل السنة فنصرهم .
فلما أن كان يوم الأحد العشرين من شوال: ظهر عند إنسان وراق كراسة قد اشتراها في جملة كاغذ بذل من عنده فيها مكتوب القرآن ، وقد كتب بين كل سطرين من القرآن سطر من الشعر على وزن أواخر الآيات ، ففتش على كاتبها ، فإذا به رجل معلم يقال له: ابن الأديب ، فكبس بيته ، فوجدوا فيه كراريس على هذا المعنى ، فحمل إلى الديوان فسئل عن ذلك فأقر ، وكان من أصحاب أبي الفتوح ، فحمل على حمار ، وشهر [ ص: 246 ] في البلد ونودي عليه ، وهمت العامة بإحراقه فانتعش أهل السنة ، ثم أذن لأبي الفتوح فجلس ، وظهر عبد القادر فجلس في الحلبة فتشبث به أهل السنة وانتصروا بحسن اعتقاد الناس به .