ثم دخلت سنة تسع وثمانين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في ربيع الأول كثر العبث من بني خفاجة ، وأتوا إلى المسجد بالحائر ، فتظاهروا فيه بالمنكر ، فوجه إليهم سيف الدولة عسكرا فكبسوهم في المشهد ، وأخذوا عليهم أبوابه ، وقتل منهم خلق عند الضريح ، ومن أعجب العجائب أن أحدهم ركب فرسه وصعد إلى سور المشهد ، وألقى نفسه وفرسه ، فنجوا جميعا .
[حكم المنجمون بطوفان يكون في الناس]
وفي هذه السنة: حكم المنجمون بطوفان يكون في الناس ، يقارب طوفان نوح ، وكثر الحديث فيه ، فتقدم بإحضار المستظهر بالله ابن عيشون المنجم ، فقال: إن طوفان نوح عليه السلام اجتمع في برج الحوت الطوالع السبعة ، والآن فقد اجتمع في برج الحوت من الطوالع ستة وزحل لم يجتمع معهم ، فلو اجتمع معهم كان طوفان نوح ، ولكن أقول: إن مدينة أو بقعة من البقاع يجتمع فيها عالم من بلاد كثيرة فيغرقون ، ويكون من كل بلد الواحد والجماعة ، فقيل: ما يجتمع في بلد ما يجتمع في بغداد ، وربما غرقت ، فتقدم بأحكام المسنيات والمواضع التي يخشى منها الانفجار ، وكان الناس ينتظرون الغرق ، فوصل الخبر بأن الحاج حصلوا في وادي المناقب بعد نخلة ، [ ص: 32 ] فأتاهم سيل عظيم ، فنجا منهم من تعلق برؤوس الجبال ، وأذهب الماء الرحال والرجال ، فخلع على ذلك المنجم وأجرى له جراية .