ثم دخلت سنة ست وسبعين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عميد الدولة بعزله تضمنه: لكل أجل كتاب ، انصرف من الديوان إلى دارك ، وخل ما أنت منوط به من نظرك . فخرج هو وولداه وأهله إلى خرج توقيع يوم الجمعة لخمس بقين من صفر إلى الوزير دار المملكة من غير استئذان الخليفة ، ثم ساروا إلى ناحية خراسان ، فكتب الخليفة إلى السلطان بأن بني جهير لا طريق إلى إعادتهم واستخدامهم ، والتمس أن يبعدوا من العسكر ولا يؤوون ، وكان السبب في هذا الثقة بهم ، فصاروا متهمين ، فرتب في الديوان أبو الفتح المظفر ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم ابن المسلمة منفذا وناظرا ، وقد كان مرتبا على ابنيه الدار وغيرها ، ولما وصل بنو جهير تلقوا وأكرموا ، وعقد للوزير فخر الدولة على ديار بكر ، وخلع عليه الخلع ، وأعطي الكوسات ، وأذن له في ضربها أوقات الصلوات الخمس بديار بكر ، والصلوات الثلاث: الفجر ، والمغرب ، والعشاء في المعسكر السلطاني .
وفي جمادى الآخرة: توفي الشيخ ، فأجلس أبو إسحاق الشيرازي مؤيد الملك مكانه أبا سعد عبد الرحمن بن المأمون المتولي .
وفي يوم الخميس النصف من شعبان: أبي شجاع محمد بن الحسين خلع الوزارة ، ولقب بظهير الدين ، وكان خلع الخليفة على الوزير أبو المحاسن بن أبي الرضا [ ص: 228 ] قد نفق على السلطان كثيرا حتى عول عليه ، واطرح نظام الملك ، وضمن أبو المحاسن النظام بألف ألف دينار ، فعرف النظام بذلك ، فصنع سماطا ودعا السلطان إليه وخلا به بعد أن أقام مماليكه والأتراك على خيولهم ، وكانوا أكثر من ألف غلام ، وقال له: إن [قيل لك] أيها السلطان إنني آخذ عشر أموالك وأرتفق بالشيء من أعمالك وعمالك فإنني أخرجه إلى هذا العسكر الذي تراه بين يديك ، فإن جامكيتهم تشتمل على مائتي ألف دينار في كل سنة ، وطرح بين يده ثبتا بما يتحصل له كل سنة ، وأنه ما يكون أكثر من هذا المقدار ، وقال: لو لم أفعل هذا لاحتجت أن يخرج لهم كل سنة من خزانتك ، وقد جمعتهم بسلاحهم ، فتقدم بنقلهم إلى من تراه من الحجاب ، ويكون هذا العشر الذي آخذه منصرفا إليهم ، وأخلص من التعب ، ومع هذا فقد خدمت جدك وأباك وشيخت في دولتكم ، وأنا والله مشفق من مضيك على ما أنت عليه ، وخائف من عقبى ما أنت خائض فيه ، وحمل من الجواهر وغيرها ما ملأ به عينه ، وضمن له استخراج مال آخر من المتكلمين عليه ، فأطلعه السلطان على ما جرى في معناه وحلف له ، وقبض على أبي المحاسن وحمله إلى قلعة ساوة ، وقورت عيناه بالسكين ، وحملت إلى السلطان ، فتقدم بطرحهما لكلب الصيد ، وأخذ من ابن أبي الرضا مائتي ألف دينار .