الكرخ وباب البصرة] [ثوران الفتنة بين أهل
وفي شعبان: ثارت فتنة بين أهل الكرخ وباب البصرة ، والقلائين ، أحرق فيها من الكرخ الصاغة وقطعة من الصف ، وقتل فيها خلق كثير .
ولما بلغ قاورت بك وفاة أخيه ألب أرسلان سار طالبا للري والممالك ، فسبقه إليها ملك شاه ، فالتقوا بقرب همذان في رابع شعبان ، وكان العسكر مائلا إلى قاورت [ ص: 146 ] بك ، فحمل قاورت على ميمنة ملك شاه فكسرها ، وحمل هؤلاء على ميمنته فهزموها ، فالتجأ قاورت إلى بعض القرى ، فجاء رجل سوادي فأخبر ملك شاه ، فأخذه وكان قبل ذلك قد داراه ، ووعده بالإقطاع الكثير فسطع وأبى وحارب ، فجيء به ماشيا فأومأ بتقبيل الأرض ، ثم قبل يد السلطان فقال له ملك شاه: يا عم ، كيف أنت من تعبك أما تستحي يا أخي؟! أما تستحي من هذا الفعل؟! أطرحت وصية أخيك ، وأظهرت الشماتة به ، وقصدت ولده ، وفعلت ما لقاك الله جوابه؟! فقال: والله ما أردت قصدك ، وإنما عسكرك واصلوا مكاتبتي .
فأنفذ إلى همذان فاعتقل هناك ، فلما وصل السلطان إلى همذان أمر بقتله فخنق ، ثم إن العسكر تبسطوا وقالوا: ما يمنع السلطان أن يعطينا ما نريد إلا نظام الملك ، وبسطوا أيديهم في التصرف ، فذكر النظام للسلطان طرفا من هذا ، وبين له ما في هذا من الوهن ، وخرق السياسة ، وقال: ما يمكنني أن أعمل شيئا من غير إذنك ، فإما أن تدبر أنت ، أو تأمرني فيه بما أعتمده ، فقال له: قد رددت إليك الأمور كبيرها وصغيرها ، وقليلها وكثيرها ، وما مني اعتراض عليك ، ولا رد لما يكون منك ، وأنت الوالد . وحلف له ، وأقطعه طوس بلده ، وتقدم بإفاضة الخلع عليه ، وأعطاه دواة وعليها ألف مثقال ، ومنجوقا عليه طلعة فيها ألف مثقال ، ومدرجة محلاة ألف مثقال ، ومائة ثوب ديباج ، وعشرين ألف دينار ، ولقبه: أتابك ، ومعناه: الأمير الوالد .
وظهر من النظام من الرجلة والشهامة والصبر إلى حين ظفر بالمراد واللطف بالرعية ، حتى إن المرأة الضعيفة تخاطبه ويخاطبها ، ولقد رفع بعض حجابه امرأة ضعيفة [فزبره] وقال: أنا استخدمتك لتوصل إلي مثل هذه ، لا لتوصل إلي رجلا كبيرا ، أو حاجبا جليلا . ثم صرفه ، وكان إذا اجتاز بضيعة فأفسدها العسكر غرم لصاحبها فيه ما أفسدوا .
وفي شعبان: قصد أهل المحال الكرخ ، فقاتلوا أهلها ، وأحرقوا فيها شيئا كثيرا ، [ ص: 147 ] وخرج الشحنة ، فأخذ من ثياب أهل باب البصرة وثياب أهل القلائين ما حمله أصحابه على البغال .
[ورود جراد عظيم]
وفي رمضان: ورد جراد عظيم أكل ما وجد ، حتى عدم البقل [في آخر هذا الشهر] فبيع ما جلب منه من عكبرا بالميزان .