[حدوث زلزلة ارتجت لها الأرض ست مرات . ]
وفي ليلة الجمعة لأربع بقين من ربيع الآخر ، وقت طلوع الفجر: حدثت زلزلة ارتجت لها الأرض ست مرات .
وفي جمادى الآخرة: لقي أبو سعد بن أبي عمامة مغنية قد خرجت من عند تركي بنهر طابق ، فقبض على عودها وقطع أوتاره ، فعادت إلى التركي فأخبرته ، فبعث التركي [ ص: 139 ] إليه من كبس داره ، وأفلت ، وعبر إلى الحريم إلى ابن أبي موسى الهاشمي شاكيا ما لقي .
واجتمع الحنابلة في جامع القصر من الغد فأقاموا فيه مستغيثين ، وأدخلوا معهم الشيخ وأصحابه ، وطلبوا قلع المواخير وتتبع المفسدات ، ومن يبيع النبيذ ، وضرب دراهم تقع المعاملة بها عوض القراضة ، فتقدم أمير المؤمنين بذلك ، فهرب المفسدات ، وكبست الدور ، وارتفعت الأنبذة ، ووعد بقلع المواخير ومكاتبة أبا إسحاق الشيرازي عضد الدولة برفعها ، والتقدم بضرب دراهم يتعامل بها ، فلم يقتنع أقوام منهم بالوعد ، وأظهر أبو إسحاق الخروج من البلد فروسل برسالة سكتته .
وحكى أبو المعالي صالح بن شافع عمن حدثه أن الشريف أبا جعفر رأى محمد بن الوكيل حين غرقت بغداد في سنة ست وستين ، وجرى على دار الخلافة العجائب ، وقد جاء ببعض الجهات إلى الترب بالرصافة أو غيرها من تلك الأماكن ، وهم على غاية التخبيط ، فقال له الشريف: يا محمد يا محمد ، قال: لبيك يا سيدنا . قال . كتبنا وكتبتم ، وجاء جوابنا قبل جوابكم ، يشير إلى قوله "سأكتب في رفع المواخير" ويريد بالجواب الغرق وما فيه .
وفي هذا الوقت غلت الأسعار ، وتعذر اللحم ، ووقع الموتان في الحيوان ، حتى إن راعيا في بعض طريق خراسان قام عند الصباح إلى غنمه ليسوقها فوجدها موتى .
خراسان ، وكان في المكان المسمى بباغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جريب حنطة وشعيرا ، فبرد ونسفته الريح فلم يشاهد له أثر ، وانقلع شجر التوت العظيم من أصله ، وإحدى عشرة نخلة ، وقام في ساقية من البرد إلى فخذ الإنسان ، وأحضر قوم من قردلي بندقا من الطين قد وقع مع البرد كبيضة العصفور طيب الرائحة . ووقع سيل عظيم ، وبرد كثير في طريق
[ ص: 140 ]
وفي هذه الأيام كان ابن محسن الوكيل قد توكل على صاحب الظفر الخادم في معنى دار ، فحضر ظفر عند الوزير فخر الدولة ، وخاصم ابن محسن ، واستخف به ، حتى قال: هذا يأخذ أموال الناس ويبيع الشريعة بالثمن الخسيس ، ويحكم القضاة بما لا يحل ، ويشهد الشهود بما لا يجوز . وكان قاضي القضاة حاضرا فغالطه ، وأظهر أنه لم يسمع ، فأعان الوزير ابن محسن ، فنهض ظفر مغضبا وقال لأصحابه: أين رأيتم ابن محسن فاقتلوه . فركب قاضي القضاة للقاء صافي الخادم ، وقد قدم من عند السلطان ، فخرج معه ابن محسن ، فضربه أصحاب ظفر ، ووقعت مقرعة في قاضي القضاة فامتعض ونزل عن البغلة ، ومشى من الحلبة إلى شاطئ دجلة على ثقل بدنه ، وعبر إلى داره ، وراسله الوزير أن يعود إلى الديوان فأبى ، وكان ذلك بمرأى من الخليفة؛ لأنه كان في المنظرة ، فتقدم إلى الوزير بصرف ظفر من الدار ، والختم على داره واصطبلاته وما يتعلق به ، ونقض الدار التي جرى عليها الخصام ، وضرب الغلام الذي ضرب ابن محسن على باب النوبي مائة سوط ، وركب أحد الغلمان الخواص إلى قاضي القضاة فاعتذر إليه مما جرى .
وعقد للأمير عدة الدين على ابنة السلطان من خاتون السفرية ، وكان العقد في دار المملكة بنيسابور ، وضربت الدبادب والبوقات ، وامتلأت الدار بالفيلة المزينة ، والخيل المجفجفة ، وجلس السلطان ألب أرسلان على سرير الملك ، ونظام الملك قائم بين يديه ، وخطب الشطبي ، ووكل السلطان نظام الملك ، وكان وكيل عدة الدين عميد الدولة أبو نصر بن جهير ، فعقد العقد ، ووقع النثار .