ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3393 - خديجة بنت محمد بن علي بن عبد الله الواعظة المعروفة بالشاهجانية:
ولدت سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وروت عن ابن سمعون ، وابن شاهين ، وكانت صادقة صالحة تسكن قطيعة الربيع .
وتوفيت في هذه السنة ودفنت إلى جنب وكانت قد صحبته . ابن سمعون ،
3394 - الملقب: بالشيخ الأجل . عبد الملك بن محمد بن يوسف ، أبو منصور ،
ولم يكن في زمانه من يخاطب بالشيخ الأجل سواه ، ولد في سنة خمس وتسعين [ ص: 108 ] وثلاثمائة ، وسمع أبا عمر بن مهدي ، وأبا الحسن بن الصلت ، وأبا الحسين بن بشران ، وغيرهم ، وكان أوحد أهل زمانه في فعل المعروف ، والقيام بأمور العلم ، والنصرة لأهل السنة ، والقمع لأهل البدع ، وافتقاد المستورين بالبر ، ودوام الصدقة ، وكان إذا وصل أحدا وصله سرا حيث لا يراه أحد ، فإذا شكره المعطي قال: إنما أنا في هذه العطية وسيط وليست من مالي ، ولما انحدر إلى البساسيري واسط أخذ ابن يوسف معه فنزل على رجل طحان ، فلما رحل عنه أعطاه شيئا ثم مضت مدة ، فركب الطحان ديون ، فقصد بغداد ودخل على ابن يوسف فأكرمه ، وأفرد له حجرة ، وكساه وأمر بعض غلمانه أن يسأله سبب قدومه فأخبره ، فحدث ابن يوسف بذلك ، فأرسل رجلا إلى واسط واكترى له سفينة ، وحمل فيها ما يصلح حمله من الفواكه والتحف وكسوة كبيرة ، وأعطاه مائتي دينار ، وقال له: ناد في الجامع من له دين على فلان فليحضر ومعه وثيقته ، فإذا حضروا فعرفهم فقره ، وأن رجلا أقرضه شيئا ليصالحوه على بعض ديونهم . ففعل ذلك ، وأشهد عليهم بالقبض ، وحمل تلك التحف إلى بيت الطحان ، وعاد الطحان ، فظن أن ابن يوسف قد نسيه ، فأحضره وسأله عن سبب قدومه فأخبره الوثائق ، وأعطاه مائة دينار .
قال المصنف رحمه الله: قرأت بخط قال: كان أبي الوفاء بن عقيل أبو منصور بن يوسف عين زماننا ، وكان قد انتقد أهل زمانه فاستعمل كل واحد منهم فيما يصلح لهم ، فاستعمل للحجر والباعة أفره من وجد من الأحداث الأقوياء الشطار ، فما قهر على رأي ولا كسر له غرض في بيع . واستعمل في إقامة الديانة الحنابلة؛ مشايخ أفراد زهاد متنزهين عن معاشرة السلاطين ومكاثرة أبناء الدنيا ، يقصدون ولا يقصدون ، العوام تعظمهم وتحبهم ، والسلاطين توقرهم . وأخذ بالعطاء والكفاية أصحاب [ ص: 109 ] عبد الصمد ، وهم أئمة المساجد والزهاد ، واستعبد القصاص والوعاظ ، وأكرم بني هاشم الأشراف بالعطاء الجزيل ، ثم عطف على الشحن والعمداء والعرب والتركمان فأرغبهم باللطائف والهدايا ، فصار في الحشمة والمحبة الذي لا يناله أحد ، فاحتاج إلى جاهه الخلفاء والملوك ، وما كان يسمع منه كلمة تدل على فعل فعله ، ولا إنعام أسداه ، ولا منة على أحد ، وصمد لحوائج الناس ، وكان يعظم من يقصده في حاجة أكثر من تعظيمه من يقصده في غير حاجة .
وتولى ابن يوسف المارستان وهو لا يوجد فيه دواء ولا طبيب ، والمرضى ينامون على بواري النقض ، فطبقه بخمسة وعشرين ألف طابق ، ورتب فيه ثمانية وعشرين طبيبا ، وثلاثة خزان ، وابتاع له أملاكا نفيسة وكان مقدما عند السلاطين .
ولقد ماتت ابنته وكانت زوجة أبي عبد الله بن جردة ، فتبعها الأكابر والقضاة ، ومشوا بعض الطريق ، وجاءت صلف القهرمانة بطعام وشراب من عند الخليفة .
وتوفي ابن يوسف في داره بباب المراتب يوم الثلاثاء ، ودفن يوم الأربعاء لأربع عشرة من محرم هذه السنة بقبر أحمد ، وأبيه وجده لأمه أبي الحسين بن السوسنجردي ، وغسله القاضي أبو الحسين بن المهتدي ، وصلى عليه ابنه أبو محمد الحسن داخل المقصورة ، وتبعه مائة ألف رجل سوى النساء ، وعطلت أسواق بغداد .
قال محمد بن الفضل الهمذاني: حدثني رجل من أهل النهروان أن ابن يوسف كان يعطيه كل سنة عشرة دنانير ، فأتى بعد وفاته إلى ابن رضوان فأذكره بها ، فأعرض عنه ، فألح عليه ، فقال له: اطلب من الذي كان يعطيك .
فمضى إلى قبر ابن يوسف ، وجلس عنده يترحم عليه ويقرأ القرآن ، فوجد عنده قرطاسا فيه عشرة دنانير فأخذه ، وجاء إلى ابن رضوان فعرفه الحال ، فتعجب وتفكر ، فذكر أنه زار القبر وفي صحبته كواغد فيها [ ص: 110 ] دنانير قد أعدها للصدقة فسقط أحدها ، فقال ابن رضوان: خذه ولن أقطعك إياه كل سنة ما دمت حيا .
ومن العجائب: ما ذكره هبة الله بن المبارك السقطي قال: توفي الأجل أبو منصور بن يوسف فورث عنه ابناه ثلاثين ألف دينار ، فتزوجا بابنتي علي بن جردة ، وقد ورثتا عن أبيهما ثلاثين ألف دينار عقارا وعينا ، فأنفق الجماعة ذلك في أيسر زمان ، حتى ظل قوم منهم يتكففون الناس .
3395 - أبو جعفر الطوسي .
فقيه الشيعة ، توفي بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام . علي بن أبي طالب
[ ص: 111 ]