فمن الحوادث فيها:
أن أرسلان خاتون زوجة الخليفة دخلت إلى بغداد في جمادى الأولى ، وخرج الناس لتلقيها ، واستقبلها الوزير السيدة فخر الدولة على نحو فرسخ ، وخدمها بالدعاء على ظهر فرسه ، وحضر العميد أبو سعد المستوفي في بيت النوبة حتى قرئت الكتب الواردة في هذه الصحبة ، وهي مشتملة على التمسك بالطاعة ، والتصرف على قوانين الخدمة ، والإجابة إلى المرسوم ، وخوطب فيها الوزير بالوزير الأجل بعد أن كان يكتب إليه: الرئيس الأجل .
أبي حنيفة] [بناء مشهد الإمام
وفي هذه الأيام بنى أبو سعد المستوفي الملقب شرف الملك مشهد الإمام رضي الله عنه ، وعمل لقبره ملبنا ، وعقد القبة ، وعمل المدرسة بإزائه ، وأنزلها الفقهاء ، ورتب لهم مدرسا ، فدخل أبي حنيفة أبو جعفر بن البياضي إلى الزيارة فقال ارتجالا:
ألم تر أن العلم كان مضيعا فجمعه هذا المغيب في اللحد كذلك كانت هذه الأرض ميتة
فأنشرها جود العميد أبي سعد
قال ابن عقيل: فقلت: وما يدريكم لعل النعمان قد خرجت عظامه في هذه العظام وبقيت هذه القبة فارغة من مقصود .
قال: فبعث شرف الملك إلى أبي منصور بن يوسف شاكيا مني وطالبا منه مقابلتي على ذلك ، فكان غاية ما قال لي بعد أن أحضرني في خلوة: يا سيدي ، ما نعلم كيف حالنا مع هؤلاء الأعاجم والدولة لهم؟ فقلت: يا سيدي ، رأيت منكرا فاشيا فما ملت نفرتي الدينية .
قال ابن عقيل: وكانت العمارة في سنة تسع وخمسين ، وساجه وأبوابه غصب من بعض بيع سامرا ، فما عند هؤلاء من الدين خبر .
أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ ، أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: سمعت يقول: لا يصح أن قبر أبا الحسين بن المهتدي في هذا الموضع الذي بنوا عليه القبة ، وكان الحجيج قبل ذلك يردون ويطوفون حول المقبرة فيزورون أبي حنيفة لا يعينون موضعا . أبا حنيفة