[ ص: 153 ] ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وأربعمائة
فمن الحوادث فيها :
أنه في يوم الثلاثاء خامس عشر ذي القعدة المارستان المؤيدي الذي بناه مؤيد الملك أبو علي الحسن الرخجي وزير مشرف الدولة بواسط ، وحملت إليه الأدوية والأشربة ، ورتب له الخزان والأطباء والوكلاء ، ووقفت عليه الوقوف وجعلت على المعاملات السلطانية مشاهرة . فتح
الحجر الأسود فضربه بدبوس ] [عمد بعض الحاج المصريين إلى
وفي هذه السنة : في زمن الحج عمد بعض الحاج المصريين إلى الحجر الأسود فضربه بدبوس كان في يده حتى شعثه وكسر قطعا منه ، وعاجله الناس فقتلوه وثار المكيون بالمصريين ونهبوهم وقتلوا قوما منهم ، وركب أبو الفتوح الحسن بن جعفر فأطفأ الفتنة ، ودفع عن المصريين .
قال هلال بن المحسن : وقيل : إن الفاعل ما فعله إلا وهو من الجهلة الذين كان استغواهم وأفسد أديانهم . وقيل : كان ذلك في سنة أربع عشرة ، قال : الحاكم
وقرأت في كتاب كتب بمصر في هذا المعنى : كان من جملة من دعاه الخوف إلى الانتزاح رجل من أهل البصرة أهوج أثول سار مع الحجيج إلى مكة فرقا من السيف وتستر بالحج ، فلما وصل أعلن الكفر وأظهر ما كان يخفيه من الكفر فقصد الحجر الأسود ، فضربه بدبوس في يده أطارت شظايا منه ، ووصلت بعد ذلك ، ثم إن هذا الكافر عوجل بالقتل . [ ص: 154 ]
أخبرنا شيخنا محمد بن ناصر الحافظ ، قال : أخبرنا ، أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي ، قال : في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة كسر الحجر الأسود لما صليت الجمعة يوم النفر الأول ، ولم يكن رجع الناس بعد من منى ، قام رجل ممن ورد من ناحية مصر بإحدى يديه سيف مسلول ، وبالأخرى دبوس بعد ما قضى الإمام الصلاة ، فقصد ذلك الرجل ليستلمه على الرسم ، فضرب وجه الحجر ثلاث ضربات متوالية بالدبوس ، وقال : إلى متى يعبد الحجر ولا محمد ولا علي يمنعني عما أفعله ، فإني أهدم هذا البيت وأرفعه فاتقاه أكثر الحاضرين وتراجعوا عنه ، وكاد يفلت ، وكان رجلا تام القامة ، أحمر اللون ، أشقر الشعر ، سمين الجسم ، وكان على باب المسجد عشرة من الفرسان على أن ينصروه ، فاحتسب رجل من أهل اليمن أو من أهل مكة أو من غيرها فوجأه بخنجر ، واحتوشه الناس فقتلوه وقطعوه وأحرقوه بالنار ، وقتل من اتهم بمصاحبته ومعونته على ذلك المنكر جماعة ، وأحرقوا بالنار وثارت الفتنة ، وكان الظاهر من القتلى أكثر من عشرين نفسا غير ما اختفى منهم ، وألحوا في ذلك اليوم على المغاربة والمصريين بالنهب والسلب وعلى غيرهم في طريق منى إلى البلد .
وفي يوم النفر الثاني اضطرب الناس وماجوا ، وقالوا إنه قد أخذ في أصحاب الخبيث لعنه الله أربعة أنفس اعترفوا بأنهم مائة بايعوا على ذلك ، وضربت أعناق هؤلاء الأربعة وتقشر بعض وجه الحجر في وسطه من تلك الضربات وتخشن ، وزعم بعض الحاج أنه سقط من الحجر ثلاث قطع واحدة فوق أخرى ، فكأنه يثقب ثلاث ثقب ما يدخل الأنملة في كل ثقبة ، وتساقطت منه شظايا مثل الأظفار ، وطارت منه شقوق يمينا وشمالا ، وخرج مكسره أحمر يضرب إلى الصفرة محببا مثل الخشخاش ، فأقام الحجر على ذلك يومين ، ثم أن بني شيبة جمعوا ما وجدوه مما سقط منه ، وعجنوه بالمسك واللك ، وحشوا تلك المواضع وطلوها بطلاء من ذلك ، فهو بين لمن تأمله ، وهو على حاله اليوم . [ ص: 155 ]