ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها :
أنه [في ] يوم السبت لإحدى عشرة خلت من صفر جلس القاهر بالله في الميدان وأحضر رجلا قطع الطريق في دجلة ، فضرب بحضرته ألف سوط ، ثم ضربت عنقه ، وضرب جماعة من أصحابه وقطعت أيديهم وأرجلهم .
وفي يوم الخميس لسبع بقين من صفر خلع على الوزير القاهر بالله أبي علي ابن مقلة وكناه ، وكتب إليه : يا أبا علي أدام الله إمتاعي بك ، محلك عندي جليل ، ومكانك من قلبي مكان مكين ، وأنا حامد لمذهبك ، مرتض لأفعالك ، عارف بنصيحتك ، ولم أجد مع قصور الأحوال مما أضمره لك ما يزيد في محلك وكمال سرورك غير تشريفك بالكنية ، وأنا أسأل الله عونا على ما أحبه لك .
وفي جمادى الآخرة وقع الإرجاف بأن الأمير علي بن يلبق ، والحسن بن هارون كاتبه قد عملا على لعن على المنابر ، فاضطربت العامة [من ذلك ] . معاوية بن أبي سفيان
وتقدم علي بن يلبق حاجب القاهر بالقبض على رئيس [ ص: 317 ] الحنابلة ، فهرب واستتر ، وقبض على أصحابه وأحدروا إلى أبي محمد البربهاري البصرة . ثم خالف علي بن يلبق من القاهر [إلى أن فتش لبنا قد اشتري ] مخافة أن يكون فيه رقعة ، وطالب علي بن يلبق القاهر بأن يسلم إليه كل محبوس عنده من والدة وغيرها ، فسلمهم إليه ونقلهم إلى داره ، واجتمع المقتدر ابن مقلة وعلي بن يلبق على منع القاهر أرزاق حشمه ، وأكثر ما كان يقام له ، فطالبه ابن يلبق أن يسلم إليه ما بقي في يده من الفرش وأمتعة والدة المقتدر ، فسلم ذلك وبيع ، ومكثت والدة عند والدة المقتدر علي بن يلبق مكرمة عشرة أيام وتوفيت . ولما تمكن التضييق من القاهر علم فساد نية طريف السبكري وبشرى ليلبق وابنه علي ومنافستهما لهما على المراتب ، فكاتبهما وراسل قوما من الجند ، وضمن لهم زيادة العطاء ، وحرضهما على مؤنس ويلبق ، وبلغ أبا علي ابن مقلة أن القاهر قد جد في التدبير [عليه وعلى ويلبق وابنه ، فحذرهم وحملهم على الجد في التدبير ] على القاهر وخلعه من الخلافة ، ثم عقدوا الأمر سرا مؤنس لأبي أحمد بن المكتفي ، ودبروا على القبض على [فأحس القاهر ] فاحتال عليهم حتى قبض على القاهر يلبق ومؤنس ، واستتر [علي بن يلبق وأبو علي ] ابن مقلة ، فوجه القاهر إلى أبي جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله ، فاستحضره في يوم الأحد مستهل شعبان ، فقلده وزارته وخلع عليه من الغد ، وطرحت النار في دار [أبي ] علي ابن مقلة ووقع النهب ببغداد ، وقبض على أبي أحمد بن المكتفي ، وأقيم في باب وسد عليه بالآجر والجص وهو حي ، ثم وقع علي بن يلبق [وأبوه ] فأقر بعشرة آلاف دينار ، ثم قتل مؤنس وعلي ابن يلبق وأبوه . واستقامت الأمور للقاهر ، وتقدم بالمنع من القيان والخمر والنبيذ [ ص: 318 ] ومنع أصحاب الناطف أن يعيروا قدورهم لمن يطبخ فيها التمر والزبيب للأنبذة ، وقبض على المغنين من الرجال والنساء والحرائر والإماء ، وقبض على جماعة من الجواري المغنيات ، وتقدم ببيعهن في النخاسين على أنهن سواذج .