2200 - : أحمد بن محمد بن هارون أبو بكر الخلال
سمع ، الحسن بن عرفة وسعدان بن نصر ، وغيرهما وصرف عنايته إلى الجمع [ ص: 221 ] لعلوم وطلبها وسافر لأجلها وصنفها وجمع منها ما لم يجمعه أحد وكل من تبع هذا المذهب يأخذ من كتبه ، وتوفي في يوم الجمعة قبل الصلاة ليومين خلوا من ربيع الأول من هذه السنة ، ودفن إلى جنب أحمد بن حنبل المروذي [في الدكة ] .
2201 - أحمد بن حفص بن يزيد أبو بكر المعافري :
[حدث و ] روى عن عيسى بن حماد وغيره ، وكان فاضلا .
توفي في ربيع الأول من هذه السنة .
2202 - أحمد بن محمد بن الحسين ، أبو محمد الجريري :
سمع سريا ، وكان يكرمه ، وقيل له عند وفاته : إلى من نجلس بعدك ؟ الجنيد
فقال : إلى أبي محمد الجريري .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا الخطيب ، أخبرنا ، قال : أخبرني عبد الكريم بن هوازن محمد بن الحسين السلمي ، قال : سمعت عبد الله الرازي ، يقول : سمعت الجريري ، يقول : منذ عشرين سنة ما مددت رجلي عند جلوسي في الخلوة ، فإن حسن الأدب مع الله أولى .
[ ص: 222 ]
قال عبد الكريم : وسمعت عبد الله بن يوسف الأصبهاني يقول : سمعت أبا الفضل الصرام ، يقول : سمعت علي بن عبد الله يقول : اعتكف أبو محمد الجريري بمكة في سنة اثنتين وتسعين ومائتين ، فلم يأكل ولم ينم ولم يستند إلى حائط ، ولم يمد رجليه ، فقال له أبو بكر الكتاني : يا أبا محمد بماذا قدرت على اعتكافك ؟ فقال : علم الله صدق باطني ، فأعانني على ظاهري .
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد ] قال : أخبرنا أحمد بن علي ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الواحد ، أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، قال : سمعت أبا سعيد الرازي ، يقول : توفي الجريري سنة وقعة الهبير ، وطئته الجمال وقت الوقعة .
قال السلمي : وسمعت أبا عبد الله الرازي ، يقول : وقعة الهبير كانت في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة .
قال مؤلف الكتاب ، [رحمه الله ] الهبير اسم موضع عارض فيه أبو سعيد الجنابي القرمطي الحاج ، فأصاب منهم جماعة فتفرقوا فعاد وعارضهم في محرم سنة اثنتي عشرة ، وفتك بهم الفتك القبيح ، فجائز أن يكون الجريري قد هلك في المعارضة الأولى ، وإنما هلك في الطريق وبقي على حاله .
وأخبرنا ، قال : أخبرنا أبو منصور القزاز أبو بكر أحمد بن علي [بن ثابت ] الحافظ ، أخبرنا ، قال : سمعت عبد الكريم بن هوازن أبا عبد الله بن باكويه الشيرازي ، يقول : سمعت أحمد بن عطاء الروذباري ، يقول : مات الجريري سنة الهبير ، فحزت عليه بعد سنة ، وإذا هو مستند جالس وركبته إلى صدره ، وهو يشير إلى الله تعالى بإصبعه .
[ ص: 223 ]
2203 - أحمد بن حمدان بن علي بن سنان ، أبو جعفر النيسابوري :
لقي أبا حفص [وغيره ] وكان من الورعين ، وأسند الحديث ، وله كلام حسن ، وكان يقول : أنت تبغض [أهل ] المعاصي بذنب واحد تظنه ولا تبغض نفسك مع ما تيقنته من ذنوبك . توفي في هذه السنة .
2204 - إبراهيم بن السري بن سهل ، أبو إسحاق الزجاج :
كان من أهل الفضل والعلم مع حسن الاعتقاد ، وله تصانيف حسان .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت بن حسان [قال ] : أخبرنا علي بن أبي علي البغدادي ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق في كتابه ، قال : حدثني أبو محمد بن درستويه ، قال : حدثني ، قال : كنت أخرط الزجاج ، فاشتهيت النحو فلزمت المبرد لتعلمه ، وكان لا يعلم مجانا [ولا يعلم ] بأجرة إلا على قدرها ، فقال لي : أي شيء صناعتك ؟ قلت : أخرط الزجاج وكسبي في كل يوم درهم ونصف وأريد أن تبالغ في تعليمي وأنا أعطيك كل يوم درهما ، وأشترط لك أني أعطيك إياه أبدا إلى أن يفرق الموت بيننا استغنيت عن التعلم أو احتجت إليه ، قال : فلزمته وكنت أخدمه في أموره ومع ذلك فأعطيه الدرهم ، فينصحني [ ص: 224 ] في العلم حتى استقللت فجاءه كتاب بعض بني مادمة من الصراة يلتمسون معلما نحويا لأولادهم ، فقلت له : أسمني لهم ، فأسماني فخرجت فكنت أعلمهم وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهما وأتفقده بعد ذلك بما أقدر عليه ، ومضت على ذلك مدة ، فطلب منه الزجاج عبيد الله بن سليمان مؤدبا لابنه القاسم ، فقال : لا أعرف لك إلا رجلا زجاجا بالصراة مع بني مادمة ، قال : فكتب إليهم عبيد الله فاستنزلهم عني فأحضرني وأسلم إلي القاسم ، فكان ذلك سبب غناي ، وكنت أعطي المبرد ذلك الدرهم في كل يوم إلى أن مات ولا أخليه من التفقد معه بحسب طاقتي .
أخبرنا ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أحمد بن علي ، قال : أخبرنا علي بن أبي علي ، قال : أخبرني أبي ، قال : حدثني أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عياش القاضي ، قال : حدثني أبو إسحاق الزجاج ، قال : كنت أؤدب ، فأقول له : إن بلغك الله مبلغ أبيك ووليت الوزارة ماذا تصنع بي ؟ فيقول : ما أحببت ، فأقول : [أن ] تعطيني عشرين ألف دينار ، وكانت غاية أمنيتي ، فما مضت إلا سنون حتى ولي القاسم بن عبيد الله القاسم الوزارة وأنا على ملازمتي له ، وقد صرت نديمه ، فدعتني نفسي إلى إذكاره بالوعد ثم هبته ، فلما كان في اليوم الثالث من وزارته ، قال لي : يا أبا إسحاق ألم أرك أذكرتني بالنذر ؟ فقلت : عولت على رأي الوزير أيده الله ، وأنه لا يحتاج إلى إذكاري لنذر عليه في أمر خادم واجب الحق ، فقال لي : إنه المعتضد [بالله ] ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك في مكان واحد ، ولكن أخاف أن يصير له معك حديثا فاسمح لي أن تأخذه متفرقا ، فقلت : أفعل ، فقال : اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار ، واستجعل عليها ، ولا تمتنع من مسألتي شيئا تخاطب فيه [ ص: 225 ] صحيحا كان أو محالا إلى أن يحصل لك مال النذر ، ففعلت ذلك وكنت أعرض عليه كل يوم رقاعا فيوقع فيها ، وربما قال لي : كم ضمن لك على هذا ؟ فأقول : كذا وكذا فيقول : غبنت هذا يساوي كذا وكذا فاستزد ، فأراجع القوم فلا أزال أماكسهم ويزيدونني حتى أبلغ [ذاك ] الحد الذي رسمه [لي ] ، قال : وعرضت عليه شيئا عظيما فحصلت عندي عشرون ألف دينار وأكثر منها في مديدة ، فقال لي بعد شهور : يا أبا إسحاق حصل مال النذر ؟ فقلت : لا فسكت وكنت أعرض ثم يسألني في كل شهر أو نحوه هل حصل المال ؟ فأقول : لا خوفا من انقطاع الكسب إلى أن حصل عندي ضعف ذلك المال ، فسألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل ، فقلت : قد حصل لي ذلك ببركة الوزير ، فقال فرجت والله عني فقد كنت مشغول القلب إلى أن يحصل لك ، قال : ثم أخذ الدواة فوقع لي إلى خازنه بثلاثة آلاف دينار [صلة ] فأخذتها وامتنعت أن أعرض عليه شيئا ، ولم أدر كيف أقع منه ، فلما كان من غد جئته وجلست على رسمي ، فأومأ إلي : هات ما معك ، يستدعي مني الرقاع على الرسم ، [فقلت ] ما أخذت من أحد رقعة ، لأن النذر قد وقع الوفاء به ولم أدر كيف أقع من الوزير ، فقال يا سبحان الله أتراني كنت أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة وعلم به الناس وصارت لك به منزلة عندهم وجاه وغدو ورواح إلى بابك ولا يعلم سبب انقطاعه فيظن ذلك لضعف جاهك عندي أو تغير رتبتك ، أعرض علي على رسمك ، وخذ بلا حساب فقبلت يده وباكرته من غد بالرقاع ، وكنت أعرض عليه كل يوم إلى أن مات وقد أثلث حالي هذه .
قال المصنف [رحمه الله ] رأيت كثيرا من أصحاب الحديث والعلم يقرءون [ ص: 226 ] هذه الحكاية ويتعجبون مستحسنين لهذا الفعل غافلين عما تحته من القبيح ، وذلك أنه يجب على الولاة إيصال قصص المظلومين وأهل الحوائج ، فإقامة من يأخذ الأجعال على هذا قبيح حرام ، وهذا مما يهن به الزجاج وهنا عظيما ، ولا يرتفع لأنه إن كان لم يعلم ما في باطن ما قد حكاه عن نفسه فهذا جهل بمعرفة حكم الشرع ، وإن كان يعرف فحكايته في غاية القبح نعوذ بالله من قلة الفقه .
أخبرنا ، أخبرنا أبو منصور القزاز أبو بكر بن ثابت ، أخبرنا أبو الجوائز الحسن بن علي الكاتب ، قال : حدثني أبو القاسم علي بن طلحة النحوي ، قال : سمعت أبا علي الفارسي يقول : دخلت مع شيخنا أبي إسحاق الزجاج على القاسم بن عبيد الله الوزير ، فورد إليه خادم وساره بشيء استبشر به ، ثم تقدم إلى شيخنا أبي إسحاق بالملازمة إلى أن يعود ، ثم نهض فلم يكن بأسرع من أن عاد وفي وجهه أثر الوجوم ، فسأله شيخنا عن ذلك لأنس كان بينه وبينه فقال : كانت تختلف إلينا جارية لإحدى المغنيات ، فسمتها أن تبيعني إياها فامتنعت من ذلك ، ثم أشار عليها أحد من [كان ] ينصحها بأن تهديها إلي رجاء أن أضاعف لها ثمنها ، فلما وردت أعلمني الخادم بذلك ، فنهضت مستبشرا لافتضاضها فوجدتها قد حاضت ، فكان مني ما ترى ، فأخذ شيخنا الدواة من يديه وكتب :
فارس ماض بحربته حاذق بالطعن في الظلم [ ص: 227 ] رام أن يدمي فريسته
فاتقته من دم بدم
أنبأنا ، أنبأنا أبو منصور القزاز ، قال : حدثني أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت أبو بكر أحمد بن محمد الغزال ، قال : أنبأنا علي بن عبد العزيز ، قال أنبأنا أبو محمد الوراق ، [قال ] جار كان لنا ، قال : كنت بشارع الأنبار وأنا صبي يوم نيروز فعبر رجل راكب فبادر بعض الصبيان ، وقلب عليه ماء ، فأنشأ يقول وهو ينفض رداءه من الماء .
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
فلما عبر قيل لنا ، هذا أبو إسحاق الزجاج . قال الطاهري : شارع الأنبار هو النافذ إلى الكبش والأسد .
أخبرنا القزاز ، قال : أخبرنا أحمد بن علي ، قال : أخبرنا ، قال : حدثني أبو الطيب الطبري محمد بن طلحة ، قال : حدثني القاضي محمد بن أحمد المخرمي ، أنه جرى بينه وبين الزجاج وبين المعروف بمسينة ، وكان من أهل العلم شر ، واتصل ونسجه إبليس وأحكمه حتى خرج الزجاج إلى حد الشتم ، فكتب إليه مسينة :
أبى الزجاج إلا شتم عرضي لينقعه فآثمه وضره
وأقسم صادقا ما كان حر ليطلق لفظه في شتم حره
فلو أني كررت لفر مني ولكن للمنون علي كره
فأصبح قد وقاه الله شري ليوم لا وقاه الله شره
فلما اتصل هذا الخبر بالزجاج قصده راجلا حتى اعتذر إليه وسأله الصلح .
[ ص: 228 ]
توفي يوم الجمعة لإحدى عشرة مضت من جمادى الآخرة من هذه السنة . الزجاج
2205 - بدر أبو النجم ، مولى المعتضد بالله ، ويسمى بدرا الكبير ، ويقال له [بدر ] الحمامي :
وكان قد تولى الأعمال مع ابن طولون بمصر ، فلما قتل قدم بغداد فولاه السلطان أعمال الحرب والمغاور بفارس وكرمان ، فخرج إلى عمله وحدث عن وغيره وأقام هناك وطالت أيامه حتى توفي هلال بن العلاء ، بشيراز ثم نبش وحمل إلى بغداد ، وقام ولده محمد مقامه في حفظ البلاد .