1180 - إسحاق بن مرار ، أبو عمرو الشيباني .
صاحب العربية ، سمع حديثا كثيرا . كوفي نزل بغداد ، وحدث بها ، وروى عنه : ، وكان يلازم مجلسه ويسأله ويكتب أماليه ، وروى عنه : أحمد بن حنبل أبو عبيدة وغيره ، وكان عالما باللغة ، ثقة فيما يحكيه خيرا فاضلا ، وجمع أشعار العرب ودونها .
قال ابنه عمرو : لما جمع أبي أشعار العرب كانت نيفا وثمانين قبيلة ، وكان كلما عمل منها قبيلة [وأخرجها إلى الناس] كتب مصحفا وجعله في مسجد الكوفة ، حتى كتب نيفا وثمانين مصحفا [بخطه] .
وقال أبو العباس ثعلب : كان مع من العلم والسماع عشرة أضعاف ما كان مع أبي عمرو الشيباني أبي عبيدة ، ولم يكن من أهل البصرة مثل أبي عبيدة في السماع والعلم ، دخل إلى البادية ومعه دستجتان حبرا ، فما خرج حتى أفناهما يكتب عن العرب ، وعمر طويلا حتى أناف على التسعين .
أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ قال : أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال : حدثنا علي بن المحسن التنوخي قال : أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني قال : حدثنا أبو علي الكوكبي قال : حدثنا قال : حدثنا إبراهيم الحربي عمرو بن أبي عمرو الشيباني ، عن أبيه : أنه كان يكثر من إنشاد هذا البيت :
لا تهني بعد إكرامك لي فشديد عادة منتزعه
[ ص: 220 ] فقلت له : يا أبه ، إنك تكثر إنشاد هذا البيت . قال : يا بني ، أنا والله أدعو به في صلاتي بالسحر . قال : توفي حنبل بن إسحاق سنة عشر ومائتين يوم الشعانين . أبو عمرو الشيباني1181 - حميد بن عبد الحميد الطوسي .
قال : كان خبازا ، قال له رجل مرة : رأيت في منامي قصورا أو بساتين فقلت : ما هذه؟ قالوا : الجنة ، أعدت أبو بكر الصولي لحميد الطوسي ، فقال حميد : إن صدقت رؤياك فالحور . ثم أشد من هاهنا يكثر .
أخبرنا قال : أنبأنا ابن ناصر علي بن أحمد البسري ، عن أبي عبد الله بن مطر قال : حدثنا قال : أخبرنا أبو بكر بن الأنباري أبو الحسن بن البراء قال : حدثنا بعض أصحابنا قال : مات حميد الطوسي سنة عشر ومائتين ، فإنا لجلوس ننتظر إخراجه ، إذ أشرفت علينا من القصر جارية ، فأنشأت تقول :
من كان أصبح هذا اليوم مغتبطا فما غبطنا به والله محمود
أو كان منتظرا للفطر سيده فإن سيدنا في اللحد ملحود
1182 - عبد الوهاب بن موسى بن عبد العزيز ، أبو العباس الزهري .
يروي عن ، مالك . وابن عيينة فسطاط مصر . وولي الشرط في
توفي في رمضان هذه السنة .
1183 - عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع ، أبو سعيد الأصمعي .
سمع عبد الله بن عون ، والحمادين . وروى عنه : ، وشعبة عبد الرحمن بن [ ص: 221 ] عبد الله أخيه ، وأبو عبيد ، وأبو حاتم ، وخلق كثير . ، والرياشي
. كان يعرف النحو واللغة ، والغريب ، والملح
كان يقول : المبرد بحر في اللغة لا نعرف مثله فيها ، وفي كثرة الرواية ، وكان دون الأصمعي أبي زيد في النحو .
وقيل لأبي يونس : قد أشخص إلى الأصمعي فقال : هو بلبل يطربهم بنغماته . الرشيد
وكان ، أحمد بن حنبل يثنيان على ويحيى بن معين في السنة . الأصمعي يحيى : هو ثقة . وقال
وقال : ما رأيت بذلك العسكر أصدق لهجة من الشافعي ، [وما غير أحد بعبارة أحسن منه . الأصمعي
قال : كان نصر بن علي [يتقي أن يفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم] كما يتقي أن يفسر القرآن . الأصمعي
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال : أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال : أخبرنا محمد بن جعفر التميمي قال : أخبرنا عبد الرحمن بن حامد البلخي قال : سمعت محمد بن سعد يقول : سمعت عمر بن شبة يقول :
سمعت يقول : أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة . الأصمعي
[ ص: 222 ] أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي قال : أخبرني الأزهري قال : حدثنا محمد بن الحسن بن المأمون الهاشمي قال : حدثنا محمد بن الأنباري قال : حدثنا محمد بن أحمد المقدمي قال : حدثنا أبو محمد التميمي قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن مولى الأنصار ، قال : حدثنا قال : أمر الأصمعي بحملي إليه ، فحملت ، فأدخلني عليه الرشيد وهو منفرد ، فسلمت ، فاستدناني وأمرني بالجلوس فجلست ، فقال لي : يا الفضل بن الربيع عبد الملك وجهت إليك بسبب جاريتين أهديتا إلي ، وقد أخذتا طرفا من الأدب ، فأحببت أن تبور ما عندهما ، وأن تشير علي فيهما بما هو الصواب عندك ، ثم قال : ليمض إلى عاتكة ، فيقال لها : أحضري الجاريتين ، فحضرت جاريتان ما رأيت مثلهما قط ، فقلت لإحداهما : ما اسمك؟ قالت : فلانة . قلت : ما عندك من العلم؟ قالت : ما أمر الله به في كتابه ، ثم ما ينظر الناس فيه من الأشعار والآداب والأخبار ، فسألتها عن حرف من القرآن فأجابتني كأنها تقرأ الجواب من كتاب ، وسألتها عن النحو والعروض [والأخبار] ، فما قصرت ، فقلت : بارك الله فيك ، فما قصرت في جوابي في كل فن أخذت فيه ، فإن كنت تقرضين شيئا من الشعر فأنشدينا شيئا ، فاندفعت في هذا الشعر :
يا غياث العباد في كل محل ما يريد العباد إلا رضاكا
لا ومن شرف الإمام وأعلى ما أطاع الإله عبد عصاكا
. قال : لما شاهدت وسمعت من أعاجيب الناس ، وطرائف أخبارهم . فقلت : يا أمير المؤمنين صاحب لنا في بدو بني فلان كنت أغشاه وأتحدث إليه ، وقد أتت عليه ست وتسعون سنة أصح الناس ذهنا وأجودهم عقلا وأكلا ، وأقواهم بدنا فغبرت عنه زمانا ، ثم قصدته فوجدته ناحل البدن ، كاسف البال ، متغير الحال ، فقلت له ما شأنك؟ أأصابتك مصيبة؟ قال : لا . قلت : أفمرض عراك؟ قال : لا . قلت : فما سبب هذا التغيير الذي أراه بك؟ قال : قصدت بعض القرابة في حي بني فلان فألفيت عندهم جارية قد لاثت رأسها ، وطلت بالورس ما بين قرنها إلى قدمها ، عليها قميص وقناع مصبوغان ، وفي عنقها طبل توقع عليه وتنشد :
محاسنها سهام للمنايا مريشة بأنواع الخطوب
برى ريب الزمان لهن سهما تصيب بفضله مهج القلوب
ففي شفتي في موضع الطبل ترتقي كما قد أبحت الطبل في جيدك الحسن
هبيني عودا أجوفا تحت شنة تمتع فيها بين نحرك والذقن
فو الله يا سلمى لقد طال موقفي على غير شيء يا سليمى أراقبه
أخبرنا قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أحمد بن علي بن ثابت قال : أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين المازني قال : حدثنا قال : حدثنا المعافى بن زكريا الجريري ، الحسين بن القاسم الكوكبي قال : حدثنا محمد بن القاسم بن خلاد قال : قال : دخلت على الأصمعي جعفر بن يحيى بن خالد يوما فقال لي : يا ، هل لك من زوجة؟ قلت : لا ، قال : فجارية؟ قلت : جارية للمهنة . قال : هل لك أن أهبك جارية نظيفة ، قلت : إني لمحتاج إلى جارية فأمر بإخراج جارية في غاية الحسن والجمال والظرف ، فقال لها : قد وهبتك لهذا ، وقال : يا أصمعي خذها ، فشكرته ، فبكت الجارية ، وقالت : يا سيدي ، تدفعني إلى هذا الشيخ مع ما أرى من سماجته [ ص: 225 ] وقبح منظره ، وجزعت جزعا شديدا ، فقال لي : يا أصمعي ، هل لك أن أعوضك عنها ألف دينار ، قلت ما أكره ذلك فأمر لي بألف دينار ، ودخلت الجارية ، فقال لي : يا أصمعي إني أنكرت على هذه الجارية أمرا ، فأردت عقوبتها بك ، ثم رحمتها منك ، قلت : أيها الأمير فهلا أعلمتني قبل ذلك ، فإني لم آتك حتى سرحت لحيتي ، وأصلحت عمتي ، ولو عرفت الخبر لصبرت على هيئة خلقتي ، فو الله لو رأتني كذلك ما عاودت شيئا تنكره منها أبدا ما بقيت . أصمعي
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء قال : أخبرنا محمد بن جعفر التميمي ، حدثنا أبو القاسم السكوني قال : حدثنا أحمد بن أبي موسى قال : حدثنا قال : قال أبو العيناء : دخلت أنا الأصمعي وأبو عبيدة على . فقال : يا الفضل بن الربيع كم كتابك في الخيل؟ قال : قلت : جلد ، قال : فاسأل أصمعي أبا عبيدة عن ذلك ، قال : خمسون جلدا ، فأمر بإحضار الكتابين ، ثم أمر بإحضار فرس ، فقال لأبي عبيدة : أقرأ كتابك حرفا حرفا وضع يدك على موضع موضع . فقال أبو عبيدة : ليس أنا بيطار ، إنما ذا شيء [أخذته] وسمعته من العرب وألفته ، فقال لي : يا ، ثم فضع يدك على موضع موضع من الفرس ، فقمت فحسرت عن ذراعي وساقي ، ثم وثبت فأخذت بأذن الفرس ، ثم وضعت يدي على ناصيته ، فجعلت أقبض منها بشيء شيء وأقول : هذا كذا ، وأنشد فيه حتى بلغت حافره ، فأمر لي بالفرس ، فكنت إذا أردت أن أغيظ أصمعي أبا عبيدة ركبت الفرس وأتيته . [ ص: 226 ]
ونقلت من خط أبي عبيد ، عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال : حكى أبو الحسين بن محمد بن بكير ، عن أبيه قال : كنا يوما عند وبحضرته جماعة من أهل العلم منهم الحسن بن سهل الأصمعي ، وأبو عبيدة ، وخلق كثير من الناس ، وحاجب والهيثم بن عدي الحسن يعرض عليه الرقاع إلى أن وقع في خمسين رقعة ، فلما فرغ من ذلك أقبل علينا فقال : قد فعلنا في يومنا خيرا كثيرا ، ووقعنا في القصص بما فيه فرح لأهلها [وصلاح] ، ونحن نرجو أن نكون في ذلك مثابين فحدثونا في حق أنفسنا [فجعلنا] نذاكره العلم ، فتكلم أبو عبيدة ، والأصمعي ، والتج المجلس بالمذاكرة إلى أن بلغوا إلى ذكر الحفاظ من أصحاب الحديث ، فأخذوا في [ذكر] وجرير بن حازم الزهري ، والشعبي ، وقتادة ، وسفيان .
فقال أبو عبيدة : وما حاجتنا إلى ذكر هؤلاء ، وما ندري أصدق الخبر عنهم أم كذب ، وبالحضرة رجل يزعم أنه ما أنسي شيئا قط ، وأنه ما يحتاج أن يعيد نظره في دفتر ، إنما هي نظرة ، ثم يحفظ ما فيه فعرض بالأصمعي ، فقال الحسن : نعم والله يا أبا سعيد ، إنك لتجيء من هذا بما ينكر جدا ، فقال : نعم ، ما أحتاج أن أعيد النظر في دفتر ، وما أنسيت شيئا قط ، فقال الأصمعي الحسن : فنحن نجرب هذا القول بواحدة ، يا غلام هات الدفتر الفلاني ، فإنه جامع لكثير مما أنشدتناه وحدثناه ، فمضى الغلام ليحضر الدفتر ، فقال : فأنا أريك ما هو أعجب من هذا ، أنا أعيد القصص التي مرت وأسماء أهلها وتوقيعاتك فيها كلها ، وامتحن ذلك بالنظر إليها . الأصمعي
قال : وقد كان الحسن قال : عارضت بتلك التوقيعات لأنها أثبتت في دفتر الإثبات ، فأكبر ذلك من حضر واستضحكوا ، فاستدعى الحسن [ ص: 227 ] القصص بأعيانها من الحاجب فردت بأسرها ، فابتدأ فقال : القصة الأولى لفلان الفلاني قصته كذا وكذا وقعت أعزك الله بكذا وكذا حتى أتى على هذا السبيل على سبعة وأربعين قصة . فقال له الأصمعي الحسن : يا هذا ، حسبك الساعة ، والله تقتلك الجماعة بأعينها ، يا غلام ، خمسين ألف درهم فأحضرت خمس بدر ، ثم قال : يا غلمان احملوها معه إلى منزله ، فتبادر الغلمان لحملها ، فقال : تنعم بالحامل كما أنعمت بالمحمول ، قال : نعم لك ولست تنتفع بهم وقد اشتريتهم منك بعشرة آلاف درهم احمل يا غلام مع أبي سعيد ستين ألف درهم ، قال : فحملت والله معه وانصرف الباقون بالخيبة .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي قال : [أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله قال : ] أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى القرشي قال : أخبرنا محمد بن يحيى قال : حدثنا أحمد بن يزيد المهلبي ، حدثنا حماد بن إسحاق الموصلي ، عن أبيه قال : سأل عن بيت الراعي : الرشيد
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما ودعا فلم أر مثله مخذولا
قتلوا كسرى بليل محرما فتولى لم يمتع بكفن
أخبرنا الحافظان : عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر قالا : أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال : أخبرنا أبو محمد الجوهري قال : أنشدنا قال : أنشدنا [ أبو عمرو بن حيويه أبو دريد قال : أنشدنا] أبو حاتم قال : أنشدنا : الأصمعي
إذا جاء يوم صالح فاقبلنه فأنت على يوم الشقاء قدير
أخبرنا محمد بن ناصر قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن يوسف قال أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي بن صخر قال : حدثنا أبو القاسم عمر بن محمد بن سيف ، حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال : حدثنا عبد الله بن بيان ، عن قال : بينا أنا بالجبانة الأصمعي بالبصرة في يوم [صائف] شديد حره ، إذا أنا بجارية واضعة يدها على قبر وهي تقول بصوت حزين من قلب قرح :
هل أخبر القبر سائليه أم قر عينا بزائريه
أم هل تراه أحاط علما بالجسد المستكن فيه
لو يعلم القبر ما يواري تاه على كل من يليه
يا جبلا كان لامتناع وركن عز لآمليه
ونخلة طلعها نضيد يقرب من كف مجتنيه
ويا مريضا على فراش تؤذيه أيدي ممرضيه
ويا صبورا على بلاء كان به الله مبتليه
يا موت لو تقبل افتداء كنت بنفسي سأفتديه
يا موت ماذا أردت مني خفقت ما كنت أتقيه
[ ص: 229 ] موت رماني بفقد ألفي أذم دهري وأشتكيه
أمنك الله كل روع وكل ما كنت تتقيه
قال المازني : سمعت يقول : بينا أنا أطوف الأصمعي بالكعبة إذا رجل على قفاه كارة وهو يطوف ، فقلت له : أتطوف وعليك كارة ، فقال : هذه والدتي التي حملتني أريد أن أؤدي حقها ، فقلت له : ألا أدلك على ما تؤدي به حقها ، قال : وما هو؟ قلت : تزوجها ، قال : يا عدو الله ، تستقبلني في أمي بمثل هذا؟ فرفعت يدها وصفعت قفا ابنها ، وقالت : إذا قيل لك الحق تغضب؟!
أخبرنا القزاز قال أخبرنا أحمد بن علي قال : أخبرنا الأزهري قال : أخبرنا محمد قال : أخبرنا محمد بن العباس قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد الكندي قال : حدثنا قال : مات أبو موسى محمد بن المثنى سنة عشر ومائتين ، وقد بلغ ثمانيا وثمانين سنة ، وكانت وفاته الأصمعي بالبصرة .
قال محمد بن العباس : وحدثنا محمد بن خلف بن المرزبان قال : حدثني أحمد بن أبي طاهر قال : حدثني محمد بن أبي العتاهية قال : لما بلغ أبي موت جزع عليه ورثاه فقال : الأصمعي
لهفي على فقد لقد مضى حميدا له في كل مصلحة سهم الأصمعي
نقصت بشاشات المحاسن بعده وودعنا إذ ودع الأنس والعلم
وقد كان نجم العلم فينا حياته فلما انقضت أيامه أفل النجم
وبلغ ثمانيا وثمانين سنة ، وكانت وفاته الأصمعي بالبصرة ] .
1184 - علية بنت المهدي .
أمها أم ولد اسمها مكنونة ، اشتريت للمهدي بمائة ألف درهم ، فغلبت عليه ، وكانت الخيزران تقول : ما ملك أمة أغلظ علي منها فولدت له علية سنة ستين ومائة .
وكانت علية أجمل النساء وأطرفهن وأكملهن عقلا وأدبا ونزاهة وصيانة وظرفا ، . وكان في جبهتها سعة تشين ، فاتخذت العصابة المكللة بالجوهر لتستر به جبهتها ، فهي أول من اتخذها
وكانت كثيرة الصلاة ملازمة للمحراب وقراءة القرآن ، وكانت تتدين ولا تشرب النبيذ ، وقالت : ما حرم الله شيئا إلا وقد جعل فيما أحل عوضا منه ، فبماذا يحتج العاصي؟ وكانت تقول : اللهم لا تغفر لي حراما أتيته ولا عزما على حرام عزمته ، ولا استفزعني [لهو] إلا ذكرت نسبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصرت عنه ، ولا أقول ما أقول في شعري إلا عبثا ، وكانت تدخل على فيكرمها ويأمرها بالجلوس معه على سريره فتأبى . الرشيد
وكانت تحب أن تراسل بالأشعار من تختصه ، فاختصت خادما يقال له " طل " من [ ص: 231 ] خدم ، فراسلته بالشعر ، فلم تره أياما فمشت على ميزاب حتى رأته وقالت : الرشيد
قد كان ما كلفته زمنا يا طل من وجد بكم يكفي
حتى أتيتك زائرا عجلا أمشي على حتف إلى حتفي
وتزوجها موسى بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ومن أشعارها الرائقة :
أوقعت في قلبي الهوى ونجوت منه سالمة
وبدأتني بالوصل ثم قطعت وصلي ظالمة
ليت سلمى تراني أو تنبأ بشاني
كي تفك أسيرا متعب القلب عاني
يا ديار الغواني الملاح الحسان
جادك الغيث منه بالغوادي الرواني
اليأس بين جوانحي يتردد ودموع عيني تستهل وتفقد
إني لأطمع ثم أنهض بالمنى واليأس يجذبني إليه فأقعد
شغف الفؤاد بجارة الجنب فظللت في حرب وفي كرب
يا جارتي أمسيت مالكة رقي وغالبتي على لبي
فرجوا كربي قليلا فلقد صرت نحيلا
وافعلوا في أمر مشغوف بكم فعلا جميلا
صرمت أسماء حبلي فانصرم ظلمتنا كل من شاء ظلم
واستحلت قتلنا عامدة وتجنت عللا لم تحترم
أصابني بعدك ضر الهوى واعتادني شوق وإقلاق
قد يعلم الله وحسبي به أني إلى وجهك مشتاق
كتمت اسم الحبيب من العباد ورددت الصبابة في فؤادي
فيا شوقي إلى بلد خلي لعلي باسم من أهوى أنادي
ليس يستحسن في وصف الهوى عاشق يحسن تأليف الحجج
بني الحب على الجور فلو أنصف المعشوق فيه لسمج
لا تعيبا من محب ذلة ذلة العاشق مفتاح الفرج
1185 - منصور بن سلمة بن عبد العزيز بن سلمة الخزاعي .
سمع من مالك ، ، وروى عنه : والليث ، أحمد بن حنبل ويحيى ، : هو أحد الثقات الحفاظ الرفعاء الذين كانوا يسألون عن الرجال ويؤخذ بقوله فيهم الدارقطني . أخذ عنه قال أحمد ، ويحيى ، وغيرهما علم ذلك .
توفي في هذه السنة بالمصيصة . وقيل : سنة تسع .