1035 - أسد بن عمرو بن عامر ، أبو المنذر البجلي الكوفي ، صاحب . أبي حنيفة
تفقه وسمع من حجاج بن أرطأة ، روى عنه : وغيره . كان قد ولي [ ص: 185 ] القضاء أحمد بن حنبل ببغداد وبواسط ، فأنكر من بصره شيئا ، فرد القمطر واعتزل عن القضاء . وثقه يحيى ، وقال أحمد : كان صدوقا . وضعفه علي ، ، وتوفي في هذه السنة . والبخاري
1036 - حكام بن سلم الكناني الرازي ، أبو عبد الرحمن .
سمع من إسماعيل بن خالد ، والزبير بن عدي ، وحميد الطويل ، . روى عنه : والثوري ، يحيى بن معين وأبو معمر الهذلي . وكان ثقة .
أخبرنا ، أخبرنا أبو منصور القزاز أبو بكر بن ثابت ، أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا محمد بن أحمد الصواف ، حدثنا قال : حدثنا عبد الله بن أحمد أبو معمر قال :
حدثنا حكام الرازي ، حدثنا جراح الكندي ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : لقد رأيت ثلاثمائة من أهل بدر ، ما فيهم أحد إلا وهو يحب أن يكفيه صاحبه الفتوى .
توفي حكام بمكة في هذه السنة قبل أن يحج .
1037 - سعدون المجنون .
أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، أخبرنا أحمد بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الأصفهاني ، حدثنا عثمان بن محمد العثماني قال : قرئ على أبي الحسن أحمد بن محمد بن عيسى وأنا حاضر قال : سمعت يوسف يقول : قال الفتح بن شخرف : سعدون صاحب محبة لله ، صام ستين سنة حتى خف دماغه ، فسماه الناس مجنونا لتردد قوله في المحبة ، فغاب عنا زمانا ، فبينا أنا قائم على حلقة كان ذي النون رأيت عليه جبة صوف ، وعليها مكتوب : "لا تباع ولا تشترى" فسمع كلام ذي النون ، فصرخ وأنشأ يقول :
ولا خير في شكوى إلى غير مشتكى ولا بد من شكوى إذا لم يكن صبر
[ ص: 186 ] أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا رضوان بن محمد بن الدينوري ، حدثنا أحمد بن علي بن لال ، حدثنا مكي بن بندار الزنجاني ، حدثنا أبو علي الحسين بن عبد الله البلاذري ، حدثنا عبد العزيز بن قرة قال : قال : مررت الأصمعي بسعدون فإذا هو جالس عند رأس شيخ سكران يذب عنه . فقلت : سعدون ، ما لي أراك جالسا عند رأس هذا الشيخ . فقال : إنه مجنون ، فقلت له : أنت المجنون أو هو ؟ قال : لا بل هو . قلت : من أين قلت ذلك ؟ قال : لأني صليت الظهر والعصر جماعة وهو لم يصل جماعة ولا فرادى . قلت : فهل قلت في ذلك شيئا ؟ فقال :تركت النبيذ لأهل النبيذ وأصبحت أشرب ماء قراحا
لأن النبيذ يذل العزيز ويكسو [سواد ] الوجوه الصباحا
فإن كان ذا جائزا للشباب فما العذر فيه إذا الشيب لاحا
1038 - عبد الله بن عمر بن غانم ، أبو عبد الرحمن الرعيني .
ولد سنة ثمان وعشرين ومائة ، ورحل في طلب العلم . وروى عن وغيره . مالك
وهو أحد الثقات الأثبات . ولي القضاء بإفريقية ، وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة .
1039 - عبد الواحد بن واصل ، أبو عبيدة الحداد ، مولى سدوس .
سمع ، سعيد بن أبي عروبة ، وهو بصري سكن وشعبة بغداد وحدث بها ، فروى عنه أحمد وغيره ، ويحيى ، ، وكان ثقة من المثبتين . وأبو خيثمة
توفي في هذه السنة . [ ص: 187 ]
1040 - عبيدة بن حميد بن صهيب ، أبو عبد الرحمن التيمي .
ولد سنة سبع ومائة ، وسمع ، منصور بن المعتمر . وروى عنه : والأعمش
، وكان كوفيا ، فسكن أحمد بن حنبل بغداد إلى أن توفي بها في هذه السنة . وكان مؤدبا ، وكان للأمين أحمد يثني عليه .
أخبرنا ، أخبرنا أبو منصور القزاز أحمد بن علي قال : أخبرني الأزهري ، حدثنا محمد بن العباس ، حدثنا أحمد بن معروف ، حدثنا الحسين بن الفهم ، أخبرنا محمد بن سعد قال : عبيدة بن حميد كان ثقة صالحا ، صالح الحديث ، صاحب نحو وعربية ، وقراءة للقرآن ، وكان من أهل الكوفة ، فقدم بغداد أيام ، فصيره مع ابنه هارون الرشيد محمد ، فلم يزل معه حتى مات .
1041 - عطاء بن مسلم ، أبو مخلد الخفاف الحلبي
قدم بغداد وحدث عن . قال الأعمش يحيى ، وأبو داود : كان ثقة .
حدثنا القزاز ، أخبرنا الخطيب ، أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي ، أخبرنا محمد بن أحمد الغطريف العبدي ، حدثنا ، حدثنا محمد بن مخلد محمد بن الحسن بن نافع ، حدثنا محمد بن أبي سكينة قال : دخلت على عطاء بن مسلم أعوده ، فما لبثت أن قمت ، فقال : جزاك الله خيرا من عائد ، لكن عيسى بن صالح لا جزاه الله خيرا ، عادني فما برح حتى بلت في ثيابي .
توفي عطاء في رمضان هذه السنة . [ ص: 188 ]
1042 - يحيى بن خالد بن برمك ، أبو علي .
كان قد ضم إليه المهدي وجعله في حجره ، فلما استخلف هارون الرشيد هارون عرف ليحيى حقه ، وكان يعظمه ، وإذا ذكره يقول : قال أبي . وجعل إصدار الأمور وإيرادها إليه ، إلى أن نكب البرامكة ، فغضب عليه ، وخلده في الحبس إلى أن مات فيه .
وكان له الكلام الحسن ، والكرم الواسع ، فمن كلامه : حاجب الرجل عامله على عرضه .
وقال : من بلغ رتبة تاه بها أخبر أن محله دونها .
وقال : يدل على كرم الرجل سودان غلمانه .
وقال لابنه : خذ من كل طرفا ، فإن من جهل شيئا عاداه .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي ، أخبرنا الحسن بن محمد الخلال ، حدثنا أحمد بن محمد بن عمران ، أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى النديم قال :
قال : ثلاثة أشياء تدل على عقول أربابها : الهدية ، والكتاب ، والرسول . يحيى بن خالد
وكان يقول لولده : اكتبوا أحسن ما تسمعون ، واحفظوا أحسن ما تكتبون ، وتحدثوا بأحسن ما تحفظون .
قال ابن عمران : وحدثنا أبو عبد الله الحكيم قال : حدثني ميمون بن هارون قال :
حدثني علي بن عيسى قال : كان يقول : يحيى بن خالد . إذا أقبلت الدنيا فأنفق فإنها لا تفنى ، وإذا أدبرت فأنفق فإنها لا تبقى
أخبرنا القزاز ، أخبرنا الخطيب ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد القزاز ، أخبرنا أبو سعيد السيرافي ، حدثنا ، حدثنا محمد بن أبي الأزهر قال : الزبير بن بكار
سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول : كانت صلات إذا ركب لمن تعرض له [ ص: 189 ] بمائتي درهم ، فركب ذات يوم ، فعرض له أديب شاعر فقال : يحيى بن خالد
يا سمي الحصور يحيى أتيحت لك من فضل ربنا جنتان
كل من مر في الطريق عليكم فله من نوالكم مائتان
مائتا درهم لمثلي قليل هي منكم للقابس العجلان
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي الحافظ ، أخبرنا أحمد بن عمر النهرواني ، أخبرنا المعافى ، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، حدثنا حسين بن فهم قال : قال ابن الموصلي : حدثني أبي [قال : ] أتيت ، فشكوت إليه ضيقة ، فقال : ويحك ! ما أصنع بك ؟ ليس عندنا في هذا الوقت شيء ، ولكن ها هنا أمر أدلك عليه ، فكن فيه رجلا ، قد جاءني خليفة صاحب مصر يسألني أن أستهدي صاحبه شيئا ، وقد أبيت ذلك ، فألح علي وقد بلغني أنك أعطيت بجاريتك فلانة آلاف دنانير ، فهو ذا أستهديه إياها وأخبره أنها قد أعجبتني ، فإياك أن تنقصها من ثلاثين ألف دينار ، وانظر كيف يكون . قال : فو الله ما شعرت إلا بالرجل قد وافاني فساومني بالجارية . فقلت : لا أنقصها من ثلاثين ألف دينار ، فلم يزل يساومني حتى بذل لي عشرين ألف دينار ، فلما سمعتها ضعف قلبي عن ردها ، فبعتها وقبضت [ ص: 190 ] العشرين ألفا ، وصرت إلى يحيى بن خالد بن برمك ، فقال لي : كيف صنعت في بيع جاريتك ؟ يحيى بن خالد
فأخبرته وقلت : والله ما ملكت نفسي أن أجبت إلى العشرين ألفا حين سمعتها . فقال :
إنك لخسيس ، وهذا خليفة فارس قد جاءني في مثل هذا ، فخذ جاريتك ، فإذا ساومك بها فلا تنقصها من خمسين ألف دينار ، فإنه لا بد أن يشتريها منك بذلك .
قال : فجاءني الرجل فأسمت عليه خمسين ألف دينار ، فلم يزل يساومني حتى أعطاني ثلاثين ألف دينار ، فضعف قلبي عن ردها ، ولم أصدق بها ، فأوجبتها له بها ، ثم صرت إلى ، فقال لي : بكم بعت الجارية ؟ فأخبرته ، فقال : ويحك ! أما تؤدبك الأولى عن الثانية . قلت : والله ضعف قلبي عن رد شيء ، لم أطمع فيه . فقال : يحيى بن خالد
هذه جاريتك فخذها إليك . قال : جارية أفدت بها خمسين ألف دينار ، ثم أملكها ، أشهدك أنها حرة ، وأني قد تزوجتها .
أخبرنا ، أخبرنا [أبو ] منصور القزاز : وبلغنا أن أبو بكر بن ثابت الخطيب بعث صالحا صاحب المصلى إلى الرشيد منصور بن زياد يقول له : قد وجب عليك عشرة آلاف درهم ، فاحملها إلي اليوم ، فإن فعل إلى ما قبل غروب الشمس ، وإلا فخذ رأسه ، وائتني به ، ولا تراجعني . قال صالح : فخرجت إلى منصور فعرفته ، فقال : ذهبت والله نفسي ، والله ما أتمكن من ثلاثمائة ألف درهم فضلا [عن ] عشرة آلاف ألف . قال له صالح :
خذ فيما هو أعود عليك من هذا القول . فقال له : تحملني إلى أهلي حتى أوصي . فلما دخل إليهم ارتفع صياح الحريم والجواري ، فقال لصالح : امض بنا إلى ، لعل الله أن يأتي بالفرج على يده . فمضى معه ، فدخل على يحيى بن خالد يحيى وهو يبكي فقال : ما لك ؟ فقص عليه القصة ، فأطرق متفكرا ثم دعا جارية فقال : كم عندك من المال ؟
قالت : خمسة آلاف ألف درهم . فقال : أعديها . ثم وجه إلى الفضل فقال له : يا بني ، كنت عرفتني أنك تريد أن تشتري ضيعة بألفي ألف درهم ، وقد وجدت لك ضيعة تغل [ ص: 191 ] السكر ، وتبقى الدهر فأنفذها إلي . فأنفذها وأرسل إلى جعفر ، فقال : يا بني ابعث إلي بألف ألف درهم لحق لزمني . فبعث إليه ، ففكر ساعة ثم قال لخادم على رأسه : ابعث إلي دنانير وقل لها هات العقد الذي وهبه لك أمير المؤمنين فأهديه . فقال : هذا عقد أمير المؤمنين بمائة وعشرين ألف دينار . فوهبه لدنانير ، وقد قومناه عليك بألفي ألف درهم ليتم المال ، فخل عن صاحبنا . فأخذت ذلك ، ورددت منصورا معي ، فلما صرنا إلى الباب تمثل منصور :
فما بقيا علي تركتماني ولكن خفتما صرد النبال
قال صالح : وحملني غيظي من منصور أن عرفت يحيى ما أنشد ، فأقبل يحيى يتحمل له بالغدر ويقول : إن الخائف لا يتقى له لب ، وربما نطق بما لا يعتقد ، فقلت : والله لا أدري من أي فعليك أعجب ، من فعلك معه ، أو من اعتذارك عنه ، لكني أعلم أن الزمان لا يأتي بمثلك أبدا .
وكان يجري على يحيى بن خالد كل شهر ألف درهم ، فسمع سفيان بن عيينة سفيان يقول في سجوده : اللهم إن يحيى كفاني أمر دنياي فاكفه بهم آخرته . فلما مات يحيى رآه بعض إخوانه في النوم ، فقال له : ما فعل الله بك . قال : غفر لي بدعوة سفيان .
أخبرنا القزاز ، أخبرنا أحمد بن علي ، أخبرنا أحمد بن أبي جعفر الأخرم ، أخبرنا أبو علي عيسى بن محمد بن أحمد الطوماري ، حدثنا قال : حدثني المبرد محمد بن جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك قال : قال أبي لأبيه : - وهم في القيود ولبس الصوف والحبس - : يا أبت ، بعد الأمر والنهي والأموال العظيمة [ ص: 192 ] أصارنا الدهر إلى القيود ولبس الصوف والحبس ؟ فقال له أبوه : يا بني ، دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها ، ثم أنشأ يقول : يحيى بن خالد بن برمك
رب قوم قد غدوا في نعمة زمنا والدهر ريان غدق
سكت الدهر زمانا عنهم ثم أبكاهم دما حين نطق
فحملت الرقعة إلى ، فلم يزل يبكي يومه ، وبقي أياما يتبين الأسى في وجهه . [ ص: 193 ] الرشيد