ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
670 - عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام:
روى عن أبيه وغيره من الصحابة ، وعن جماعة من التابعين ، وكان رجلا صالحا لا [ ص: 230 ] يعرف الشر . أتي يوما بعطائه ، فوضعه في المسجد ثم قام فنسيه ، فذكر ، فقال لخادمه: ادخل المسجد وائتني بعطائي ، قال: وأين أجده؟ قال: سبحان الله أويأخذ أحد ما ليس له؟!
أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، قال: أخبرنا قال: حدثنا حمد بن أحمد ، أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال: حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن شيبان الرملي ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا عمران بن أبي عمران ، قال: سمعت يقول: اشترى سفيان بن عيينة عامر بن عبد الله نفسه من الله عز وجل بتسع ديات .
أخبرنا عبد الوهاب الحافظ ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن الخياط ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف ، قال: حدثنا قال: حدثنا ابن صفوان ، عبد الله بن محمد القرشي ، قال: حدثنا محمد بن الحسين ، قال: حدثنا قدامة ، قال: سمعت أبا مودود يقول: كان عامر بن عبد الله بن الزبير يتحين العباد وهم سجود: أبا حازم ، وصفوان بن سليم ، وسليمان بن سحيم وأشباههم ، فيأتيهم بالصرة فيها الدنانير والدراهم ، فيضعها عند نعالهم بحيث يحسون بها ولا يشعرون بمكانه ، فيقال له: ما يمنعك أن ترسل بها إليهم؟ فيقول: [إني] أكره أن يتمعر وجه أحدهم إذا نظر إلى رسولي وإذا لقيني .
أخبرنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب ، قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص ، أحمد بن سليمان بن داود الطوسي ، قال: أخبرنا قال: حدثني الزبير بن بكار ، عياش بن المغيرة ، قال: كان عامر بن عبد الله بن الزبير إذا شهد جنازة وقف على القبر ، فقال: ألا أراك [ ص: 231 ] ضيقا ، ألا أراك رقعا ، ألا أراك مظلما ، لئن سلمت لأتأهبن لك أهبتك ، فأول شيء يراه من ماله يتقرب به إلى ربه ، فإن كان [رقيقه] ليتعرضون له عند انصرافه من الجنازة ليعتقهم .
قال الزبير: وحدثني عمي مصعب بن عبد الله ، قال: سمع عامر بن عبد الله المؤذن وهو يجود بنفسه ، ومنزله قريب من المسجد ، فقال: خذوا بيدي ، فقيل له: إنك عليل ، فقال: أسمع داعي الله فلا أجيب ، فأخذوا بيده فدخل في صلاة المغرب فركع مع الإمام ركعة ثم مات .
671 - محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب ، أبو بكر الزهري:
ولد سنة ثمان وخمسين ، وهي السنة التي توفيت فيها رضي الله عنها . عائشة
وسمع جماعة من الصحابة ، وأخذ عن سنين وعن غيره . وجمع الفقه والحديث . ابن المسيب
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزار ، قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو عمرو بن حيويه ، أبو أيوب سليمان بن إسحاق الخلال ، قال: حدثنا الحارث بن [أبي أسامة ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: حدثنا] محمد بن عمر ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز ، قال: سمعت يقول: نشأت وأنا غلام لا مال لي من الديوان ، وكنت أتعلم نسب قومي من الزهري عبد الله بن ثعلبة بن صعير ، وكان عالما بنسب قومي ، فأتاه رجل فسأله عن مسألة من الطلاق [ ص: 232 ] فعيي بها وأشار [له] إلى فقلت في نفسي: ألا أراني مع هذا الرجل المسن [يعقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على رأسه] وهو لا يدري ما هذا ، فانطلقت مع السائل إلى سعيد بن المسيب ، فسأله فأخبره ، فجلست إلى سعيد بن المسيب سعيد وتركت عبد الله بن ثعلبة ، وجالست عروة بن الزبير ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث حتى فهمت ، فرحلت إلى الشام فدخلت مسجد دمشق فأتيت حلقة وجاه المقصورة فجلست فيها ، فنسبني القوم ، فقلت: رجل من قريش من ساكني المدينة ، قالوا: أهل لك [علم] بالحكم في أمهات الأولاد؟ فأخبرتهم بقول رضي الله عنه فيهم ، فقال لي القوم: هذا مجلس عمر بن الخطاب وهو جائيك ، وقد سأله قبيصة بن ذؤيب عبد الملك عن هذا فلم يجد عنده في ذلك علما ، فجاء قبيصة فأخبروه الخبر ، فنسبني فانتسبت ، وسألني عن ونظرائه فأخبرته ، فقال: أنا أدخلك على أمير المؤمنين . سعيد بن المسيب
فصلى الصبح ثم انصرف فتبعته ، فدخل على وجلست على الباب ساعة حتى ارتفعت الشمس ، ثم خرج الأذان فقال: أين هذا المديني القرشي؟ عبد الملك بن مروان
قال: قلت: ها أنا ذا ، قال: فقمت فدخلت معه على أمير المؤمنين ، فأجد بين يديه المصحف قد أطبقه وأمر به فرفع ، وليس عنده غير قبيصة جالس ، فسلمت عليه بالخلافة ، فقال: من أنت؟ قلت: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب ، فقال: أوه! قوم يغارون في الفتن . قال: وكان مسلم بن عبيد [الله] مع ثم قال: ما عندك في أمهات الأولاد؟ فأخبرته فقلت: حدثني ابن الزبير ، -فقال: [ ص: 233 ] كيف سعيد بن المسيب سعيد بن [المسيب] وكيف حاله؟ ثم قلت- وحدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، وحدثني عروة ، وحدثني عبيد الله بن عبد الله ، ثم حدثته الحديث في أمهات الأولاد عن رضي الله عنه . قال: فالتفت إلى عمر بن الخطاب فقال: هذا يكتب به إلى الآفاق ، فقلت: لا أجده أخلى منه الساعة ، ولعلي لا أدخل عليه بعد هذه المرة ، فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يصل رحمي وأن يفرض لي فرائض أهل بيتي -فإني رجل لا ديوان لي- فعل ، فقال: إيها الآن امض لشأنك ، فخرجت موئسا من كل شيء خرجت له ، وأنا حينئذ مقل مرمل ، فجلست حتى خرج قبيصة بن ذؤيب ، قبيصة فأقبل علي لائما لي ، فقال لي: ما حملك على ما صنعت من غير أمري ، ألا استشرتني؟ قلت: ظننت والله أني لا أعود إليه بعد ذلك المقام ، قال: ولم [ظننت ذلك؟ تعود إليه] ، فالحق بي . فمشيت خلف دابته حتى دخل منزله ، فقل ما لبث حتى خرج إلي خادمه ، برقعة فيها: هذه مائة ألف دينار قد أمرت لك بها ، وبغلة تركبها ، وغلام يكون معك يخدمك ، وعشرة أثواب كسوة ، فقلت للرسول: ممن أطلب هذا؟ فقال: ألا ترى في الرقعة اسم الذي أمرك أن تأتيه؟ فنظرت في طرف الرقعة ، فإذا فيها: تأتي فلانا فتأخذ منه ذلك .
قال: فسألت عنه فقيل: قهرمانه ، فأتيته بالرقعة فأمر لي بذلك من ساعته ، فانصرفت وقد ريشني ، فغدوت إليه من الغد وأنا على بغلته فسرت إلى جنبه ، فقال: احضر باب أمير المؤمنين حتى أوصلك إليه ، قال: فحضرت فأوصلني إليه ، وقال: إياك أن تكلمه بشيء حتى يبتدئك وأنا أكفيك أمره ، فسلمت عليه بالخلافة ، فأومأ إلي أن اجلس ، فلما جلست ابتدأ عبد الملك الكلام ، فجعل يسائلني عن أنساب قريش ، فلهو كان أعلم بها مني . قال: وجعلت أتمنى أن يقطع ذاك لتقدمه علي في العلم بالنسب ، ثم قال: قد فرضت لك فرائض أهل بيتك ، ثم التفت إلى قبيصة فأمره أن يثبت ذلك في الدواوين .
[ ص: 234 ]
فلما خرج قبيصة قال: إن أمير المؤمنين قد أمر أن تثبت في صحابته وأن يجري عليك رزق الصحابة ، وأن ترفع فريضتك إلى أرفع منها ، فالزم باب أمير المؤمنين .
قال: وكان على عرض الصحابة رجل فظ غليظ ، فتخلفت يوما أو يومين فجبهني جبها شديدا ، فلم أعد لذلك التخلف . وجعل عبد الملك يقول: من لقيت؟ فجعلت أسمي له وأخبره بمن لقيت من قريش لا أعدوهم ، قال: فأين أنت عن الأنصار فإنك واجد عندهم علما؟ أين أنت عن خارجة بن زيد [بن ثابت] ؟ أين أنت عن عبد الرحمن بن يزيد؟ فسمى رجالا ، فقدمت المدينة فسألتهم وسمعت منهم .
وتوفي عبد الملك فلزمت الوليد حتى توفي ، ثم سليمان ، ثم عمر ، ثم يزيد .
واستقضى يزيد الزهري وسليمان بن حبيب .
قال: وحج هشام سنة ست ومائة ، وحج معه فصيره الزهري ، هشام مع ولده يعلمهم ويفقههم ويحدثهم ، فلم يفارقهم حتى مات .
قال ابن سعد: وأخبرنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، قال: حدثني إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، قال: ما أرى أحدا أجمع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جمع ابن شهاب .
قال: وأخبرنا مطرف بن عبد الله اليساري ، قال: سمعت [مالك] بن أنس يقول: ما أدركت بالمدينة فقيها محدثا غير واحد ، فقلت: من هو؟ قال: الزهري . ابن شهاب
وفي رواية عن قال: أول من دون العلم مالك ابن شهاب .
وقال أيوب: ما رأيت أحدا أعلم من [ ص: 235 ] الزهري .
وقال ما رأيت أحدا أهون عليه الدينار والدرهم من عمرو بن دينار: الزهري .
توفي في رمضان هذه السنة ابن شهاب بأدامى -وهي من أعمال فلسطين- وهو ابن خمس وسبعين ، وأوصى أن يدفن على قارعة الطريق .
672 - نصر بن عمران ، أبو جمرة الضبعي:
قال: كنت أدفع الزحام عن فحممت أياما فتأخرت ، فلما حضرته سألني عن تأخري فأخبرته بالحمى ، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ابن عباس ، توفي في هذه السنة . "الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء" .
[ ص: 236 ]