وفي هذه السنة يزيد بن المهلب بالبصرة فغلب عليها وخلع وأخذ عامله يزيد بن عبد الملك فحبسه عدي بن أرطاة لحق
قد ذكرنا أن هرب من حبس عمر ، فلما بويع يزيد كتب إلى يزيد بن المهلب عبد الحميد يأمره بطلب وكتب إلى يزيد بن المهلب ، يأمره أن يأخذ من كان في عدي بن أرطاة البصرة من أهل بيته ، فأخذهم وفيهم المفضل ، وحبيب ، ومروان ، والمهلب ، وبعث عبد الحميد هشام بن مساحق في طلب يزيد ، فقال له: أجيئك به أسيرا أم آتيك برأسه؟ فقال: أي ذلك شئت ، فنزل هشام بالعذيب ، فمر بهم يزيد فاتقوا الإقدام عليه ، فمضى نحو البصرة ، فنزل داره واختلف الناس إليه ، وبعث إلى عدي بن أرطاة: ادفع إلي إخوتي وأنا أخليك والبصرة حتى آخذ لنفسي ما أحب من فلم يقبل [منه] ، وكان يزيد بن عبد الملك . يعطي الناس المال ، فمالوا إليه ، وخرج يزيد بن المهلب حميد بن عبد الملك بن المهلب إلى فبعث معه يزيد بن عبد الملك ، خالد بن عبد الله القسري وعمر بن يزيد الحكمي بأمان وأهل بيته ، وخرج يزيد بن المهلب حين اجتمع إليه الناس حتى نزل جبانة يزيد بن المهلب بني يشكر ، فخرج إليه عدي فاقتتلوا فهزم أصحاب يزيد ، وجاء يزيد فنزل دار سلم بن زياد وأخذ عديا فحبسه ، وهرب رءوس أهل البصرة ، فمنهم من لحق عبد الحميد بالكوفة ، ومنهم من لحق بالشام . [ ص: 68 ]
وجاء خالد القسري وعمر بن يزيد ومعهما حميد بن عبد الملك بالأمان من ليزيد بن المهلب فوصلوا وقد فات الأمر ، وغلب يزيد بن عبد الملك ، على يزيد بن المهلب البصرة ، وخلع واستوثقت له يزيد بن عبد الملك ، البصرة ، وبعث عماله إلى الأهواز وفارس وكرمان ، وبعث أخاه مدرك بن المهلب إلى خراسان ، وخطب الناس وأخبرهم أنه يدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ويحث على الجهاد ، ويزعم أن جهاد يزيد بن المهلب أهل الشام أعظم ثوابا من جهاد الترك والديلم .
فدخل إلى المسجد فقال لصاحبه: انظر هل ترى وجه رجل تعرفه؟ فقال: لا والله ، فقال: فو الله هؤلاء الغثاء ، فدنا من المنبر وإذا هو يدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقال الحسن البصري الحسن: يزيد يدعو إلى كتاب الله ، والله لقد رأيناك واليا وموليا عليه ، فجعل أصحابه يأخذون على فيه لئلا يتكلم ، فقال الحسن: إنما كان يزيد بالأمس يضرب رقاب هؤلاء ويسرح بها إلى بني مروان يريد رضاهم ، فلما غضب نصب هؤلاء وقال: أدعوكم إلى كتاب الله وسنة العمرين ، وإن من سنة العمرين أن يوضع قيد في رجله ثم يرد إلى محبس عمر . فقال رجل: يا أبا سعيد ، كأنك راض عن أهل الشام ، فقال: أنا راض عن أهل الشام ، قبحهم الله وبرحهم ، أليسوا الذين أحلوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلوا أهله ثم خرجوا إلى بيت الله الحرام فهدموا الكعبة وأوقدوا النار بين أحجارها وأستارها ، عليهم لعنة الله .
ثم إن يزيدا خرج من البصرة واستخلف عليهم مروان ، فأقبل حتى نزل واسط ، واستشار أصحابه فقال: ما الرأي؟ فاختلفوا عليه ، فأقام أياما بواسط ثم خرج .