484 - أوس بن خالد ، أبو الجوزاء الربعي:
صحب اثنتي عشرة سنة ، وسأله عن جميع آيات القرآن . وروى عن ابن عباس وخرج مع عائشة ، فقتل أيام ابن الأشعث الجماجم .
أخبرنا قال: أخبرنا ابن ناصر ، عبد القادر بن محمد ، قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي ، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك ، قال: حدثنا قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ، عبيد الله بن عمر القواريري ، قال: حدثنا نوح بن قيس ، قال: حدثنا سليمان الربعي ، قال:
كان أبو الجوزاء يواصل في الصوم بين سبعة أيام ، ثم يقبض على ذراع الشاب فيكاد يحطمها .
485 - أسماء بن خارجة ، أبو مالك الفزاري الكوفي :
روى عنه ابنه مالك .
روى عن الأصمعي ، ابن عمرو بن العلاء ، قال: دخل على أسماء بن خارجة فقال له: بلغني عنك خصال شريفة فأخبرني بهن ، فقال: يا أمير المؤمنين ، إن استماعهن من غيري أحسن من استماعهن مني . فقال: أقسم عليك إلا أخبرتني بهن ، قال: يا أمير المؤمنين ، ما سألني أحد قط حاجة إلا قضيتها كائنة ما كانت ، ولا أكل رجل من طعامي ولا شرب من شرابي إلا رأيت له الفضل علي ، ولا أقبل علي بحديثه إلا أقبلت عليه بسمعي وبصري حتى يكون هو المولي عني ، [ولا مددت [ ص: 236 ] رجلي أمام جليسي فيرى أن ذلك استطالة مني عليه] . قال: حسبك يا عبد الملك بن مروان ، أسماء يحق لك أن تسود وتشرف وهذه خصالك .
وبلغنا أن رجع يوما إلى باب داره فرأى فتى على الباب ، فقال: يا فتى ، ما يجلسك هاهنا؟ فقال: خير . فألح عليه ، فقال: جئت سائلا إلى هذه الدار فخرجت إلي منها جارية [ترفد] فاختطفت قلبي ، فجلست لكي تخرج ثانية فأنظر إليها . قال: أو تعرفها؟ قال: نعم . فدعا بالجواري ، فجعل يعرضهن عليه حتى مرت به ، قال: هي هذه . قال: مكانك . فخرج إليه بعد قليل فجعل يعتذر إليه ويقول: إنها لم تكن لي ، كانت لبعض بناتي وقد اشتريتها لك بثلاثة آلاف درهم ، خذها بارك الله لك فيها . أسماء بن خارجة
486 - خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان:
كان من رجالات قريش والمعدودين من كبرائهم سخاء وفصاحة وعقلا . وكان قد شغل نفسه بعمل الكيمياء ، فضاع زمانه . وكان قد تزوج أمه مروان بن الحكم أم خالد لأجل أن الناس كانوا ينظرون إلى خالد لمكان أبيه ، وكان مروان يطمعه في بعض الأمر ثم بدا له فعقد لابنيه عبد الملك وعبد العزيز ، وأخذ يضع من خالد حتى شتمه يوما وذكر أمه بالقبح - على ما ذكرنا في أخبار - فكان ذلك سبب قتل مروان بن الحكم مروان .
أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي ، قال: أخبرنا علي بن محمد العلاف ، قال: حدثنا عبد الملك بن بشران ، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، قال: حدثنا قال: حدثنا محمد بن جعفر الخرائطي ، قال: حدثنا المبرد ، هشام ، عن قال: [ ص: 237 ] أبي عبيدة معمر بن المثنى ،
حج وحج معه عبد الملك بن مروان وكان من رجالات خالد بن يزيد بن معاوية ، قريش المعدودين وعلمائهم . وكان عظيم القدر عند عبد الملك . فبينا هو يطوف بالبيت إذ بصر برملة بنت الزبير بن العوام فعشقها عشقا شديدا ، ووقعت بقلبه وقوعا متمكنا . فلما أراد عبد الملك القفول هم خالد بالتخلف عنه ، فوقع بقلب عبد الملك تهمه ، فبعث إليه يسأله عن أمره ، فقال: يا أمير المؤمنين ، رملة بنت الزبير رأيتها تطوف بالبيت قد أذهبت عقلي ، والله ما أبديت لك ما بي حتى عيل صبري ، فلقد عرضت النوم على عيني فلم تقبله ، والسلو على قلبي فامتنع منه ، فأطال عبد الملك التعجب من ذلك وقال: ما كنت أقول إن الهوى يستأسر مثلك ، فقال: وإني لأشد تعجبا من تعجبك مني ، ولقد كنت أقول إن الهوى لا يتمكن إلا من صنفين من الناس: الشعراء ، والأعراب . فأما الشعراء فإنهم ألزموا قلوبهم الفكر في النساء والغزل ، فمال طمعهم إلى النساء ، فضعفت قلوبهم عن دفع الهوى فاستسلموا له منقادين . وأما الأعراب ، فإن أحدهم يخلو بامرأته فلا يكون الغالب عليه غير حبه لها ، ولا يشغله شيء عنه ، فضعفوا عن دفع الهوى ، فتمكن منهم . وجملة أمري ما رأيت نظرة حالت بيني وبين الحرم ، وحسنت عندي ركوب الإثم مثل نظرتي هذه . فتبسم عبد الملك وقال: أو كل هذا قد بلغ بك ، فقال: والله ما عرفتني هذه البلية قبل وقتي هذا ، فوجه عبد الملك إلى آل الزبير يخطب رملة على خالد ، فذكروا لها ذلك فقالت: لا والله ، أو يطلق نساءه ، فطلق امرأتين كانتا عنده ، إحداهما من قريش والأخرى من الأزد ، وظعن بها إلى الشام . وفيها يقول:
أليس يزيد الشوق في كل ليلة وفي كل يوم من حبيبتنا قربا خليلي ما من ساعة تذكرانها
من الدهر إلا فرجت عني الكربا أحب بني العوام طرا لحبها
ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا تجول خلاخيل النساء ولا أرى
لرملة خلخالا يجول ولا قلبا
فإن تسلمي نسلم وإن تتنصري يخط رجال بين أعينهم صلبا
دخلت رملة بنت الزبير على وكانت عند عبد الملك بن مروان ، فقال لها: يا خالد بن يزيد بن معاوية ، رملة ، غرني عروة منك ، فقالت: لم يغررك ولكن نصحك ، إنك قتلت مصعبا أخي ، فلم يأمني عليك . وكان عبد الملك أراد أن يتزوجها ، فقال له عروة: لا أرى ذلك لك . وكان الحجاج قد بعث إلى خالد: ما كنت أراك تخطب إلى آل الزبير حتى تشاورني ، فكيف خطبت إلى قوم ليسوا بأكفائك ، وهم الذين نازعوا أباك على الخلافة ورموه بكل قبيحة . فقال لرسوله: ارجع فقل له: ما كنت أرى أن الأمور بلغت بك إلى أن أؤامرك في خطبة النساء ، وأما قولك: نازعوا أباك وشهدوا عليه بالقبيح ، فإنها قريش تتقارع ، فإذا أقر الله الحق مقره تعاطفوا وتراحموا . وأما قولك:
ليسوا لك بأكفاء . فقبحك الله يا حجاج ما أقل علمك بأنساب قريش ، أيكون العوام كفؤا لعبد المطلب بن هاشم حتى يتزوج صفية ويتزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا تراهم أكفاء خديجة ، لأبي سفيان .
ولما قدم الحجاج على عبد الملك مر بخالد فقال له رجل: من هذا؟ فقال خالد كالمستهزئ به: هذا فرجع عمرو بن العاص الحجاج إليه فقال: ما أنا ولكني ابن الغطاريف من بعمرو بن العاص ثقيف ، والعقائل من قريش ، ولقد ضربت بسيفي هذا أكثر من مائة ألف كلهم يشهد أن أباك وأنت وجدك من أهل النار ، ثم لم آخذ لذلك عندك شكرا . [ ص: 239 ]
487 - سفيان بن وهب الخولاني ، أبو أيمن:
وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وشهد مع عمرو فتح مصر ، وولي الإمرة لعبد العزيز بن مروان على بعث الطليعة إلى إفريقية سنة ثمان وسبعين .
روى عنه أبو غسانة ، وأبو البختري ، والبرني ، وبكر بن سوادة . وتوفي في هذه السنة .
488 - طلق بن حبيب العنزي:
روى عن ابن عباس ، ، وكان متعبدا . وجابر
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ، قال: أخبرنا أبو الحسن بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا محمد بن علي بن الفتح ، قال: أخبرنا قال: حدثنا ابن أخي ميمي ، قال: حدثنا ابن صفوان ، أبو بكر القرشي ، قال: حدثني محمد بن الحسين ، قال: حدثني عبد الصمد النعماني ، قال: حدثنا يوسف بن عطية ، عن الحجاج بن يزيد ، قال:
كان طلق بن حبيب يقول: إني لأحب أن أقوم لله حتى أشتكي ظهري ، فيقوم فيبتدئ بالقرآن حتى يبلغ الحجر ثم يركع .
489 - البصرة: عمر بن عبيد الله بن معمر ، أبو حفص التميمي ، أمير
كان جوادا صديقا لزياد الأعجم قبل أن يلي ، فقال له عمر: يا أبا أمية ، لو قد [ ص: 240 ] وليت لتركتك لا تحتاج إلى أحد أبدا . فلما ولي عمر فارس قصده زياد ، فلما لقيه أنشأ يقول:
ألا أبلغ أبا حفص رسالة ناصح أتت من زياد مستبينا كلامها
فإنك مثل الشمس لا ستر دونها فكيف أبا حفص علي ظلامها
لقد كنت أدعو الله في السر أن أرى أمور معد في يديك نظامها
فلما أتاني ما أردت تباشرت بناتي وقلن العام لا شك عامها
فأنى وأرض أنت فيها ابن معمر كمكة لم يطرق لأرض حمامها
إذا اخترت أرضا للمقام رضيتها لنفسي ولم يثقل علي مقامها
وكنت أمني النفس منك ابن معمر أماني أرجو أن تتم تمامها
فلا أك كالمجرى إلى رأس غاية ترجى سماء لم تصبه غمامها
إن السماحة والمروءة والندا في قبة ضربت على ابن الخشرج
[ ص: 241 ] لما أتيتك راجيا لنوالكم ألفيت باب نوالكم لم يرتج
أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة ، قالت: أخبرنا جعفر بن أحمد ، قال: أخبرنا علي بن أبي علي المعدل ، قال: حدثني أبي ، قال: روى أبو روق الهمداني ، عن الرياشي:
أن بعض أهل البصرة اشترى صبية فأحسن تأديبها وتعليمها ، وأحبها كل المحبة ، وأنفق عليها حتى أملق ، وحتى مسه الضر الشديد ، فقالت الجارية: إني لأرى لك يا مولاي مما أرى بك من سوء الحال ، فلو بعتني اتسعت بثمني فلعل الله أن يصنع لك وأقع أنا بحيث يحسن حالي فيكون ذلك أصلح لكل واحد منا . قال: فحملها إلى السوق ، فعرضت على عمر بن عبد الله بن معمر التيمي ، وهو أمير البصرة يومئذ ، فأعجبته فاشتراها بمائة ألف درهم ، فلما قبض مولاها الثمن وأراد الانصراف استعبر كل واحد منهما إلى صاحبه شاكيا ، فأنشأت الجارية تقول:
هنيئا لك المال الذي قد حويته ولم يبق في كفي غير تذكري
أقول لنفسي وهي في غشي كربة أقلي فقد بان الحبيب أو أكثري
إذا لم يكن للأمر عندك حيلة ولم تجدي شيئا سوى الصبر فاصبري
فلولا قعود الدهر بي عنك لم يكن يفرقنا شيء سوى الموت فاعذري
أروح بهم في الفؤاد مبرح أناجي به قلبا شديد التفكر
[ ص: 242 ] عليك سلام لا زيارة بيننا ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر
وروى ابن عائشة ، عن أبيه ، قال: لما خرج أرسل ابن الأشعث عبد الملك إلى عمر بن عبد الله بن معمر ليقدم عليه ، فمات في الطريق بالطاعون . فقام عبد الملك على قبره وقال: أما والله لقد علمت قريش أنها فقدت اليوم نابا من أنيابها .
ورثاه الشاعر فقال: الفرزدق
كانت يداه لنا سيفا نصول به على العدو وغيثا ينبت الشجرا
أما قريش أبا حفص قد رزيت بالشأم إذا فارقتك الناس والظفرا
وقد أدرك عمر لكنه لم يرو عنه ، وروى عن وغيره ، وولي سمرة خراسان ، وكان جوادا .
أخبرنا قال: أخبرنا ابن ناصر ، المبارك بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر ، قال: أخبرنا قال: حدثنا ابن دريد ، قال: أخبرنا المعلى ، عن حاتم ، قال: أخبرني أبو عمرو بن حيويه ، حفص بن عمر ، قال:
نزل المهلب في دار محمد بن مخنف ، فلما شخص قال: دعوا لهم المتاع ، فترك لهم بسطا وغيرها بثلاثمائة ألف درهم .
أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي ، قال: حدثنا قال: أخبرنا شجاع بن فارس ، محمد بن علي بن الفتح ، قال: أخبرنا قال: حدثنا ابن أخي ميمي ، قال: أخبرنا ابن صفوان ، أبو بكر القرشي ، قال: حدثني هارون بن أبي يحيى السلمي ، قال: حدثني مسامر بن جميل: [ ص: 243 ]
أن المهلب مر بقوم فأعظموه وسودوه ، فقال رجل: ألهذا الأعور تسودون ، والله لو خرج إلى السوق ما جاء إلا بألفي درهم . فقال لبعض من معه: أتعرف الرجل؟ قال: نعم ، فلما انتهى إلى منزله أرسل إليه ألفي درهم ، وقال: أما إنك لو زدتنا في القيمة لزدناك في العطية .
قال القرشي: وحدثني محمد بن أبي رجاء ، قال: أغلظ رجل للمهلب بن أبي صفرة ، فسكت ، فقيل له: أربا عليك ، قال: لم أعرف مساوئه فكرهت أن أبهته بما ليس فيه .
قال علماء السير: انصرف المهلب من وراء النهر يريد مرو ، فمرض ، فجمع من حضر من ولده ، ودعا بسهام فحزمت ، فقال: أترونكم كاسريها مجتمعة؟ قالوا: لا ، قال: أفترونكم كاسريها متفرقة؟ قالوا: نعم ، قال: فهكذا الجماعة ، فأوصيكم بتقوى الله -عز وجل- وصلة الرحم ، وأنهاكم عن القطيعة ، واعرفوا لمن يغشاكم حقه ، وكفى بغدو الرجل ورواحه إليكم تذكرة له ، وآثروا الجود على البخل ، وعليكم في الحرب بالأناة والمكيدة فإنها أنفع من الشجاعة ، وعليكم بقراءة القرآن وتعلم السنن وآداب الصالحين ، وإياكم وكثرة الكلام .
ومات في ذي الحجة من هذه السنة بمروالروذ ، واستخلف على خراسان ولده يزيد فأقره الحجاج .
ومن العجائب: أنه كان للمهلب ثلاثة أولاد: يزيد ، وزياد ، ومدرك ، ولدوا في سنة واحدة ، وقتلوا في سنة واحدة ، وأسنانهم واحدة ، عاش كل واحد منهم ثمانية وأربعين سنة .
491 - المغيرة بن المهلب:
كان خليفة أبيه على عمله كله ، فتوفي في رجب من هذه السنة . [ ص: 244 ]