ومن ذلك أن عمر رضي الله عنه لما ولي الخلافة له زوجة يحبها فطلقها خفية أن تشير عليه بشفاعة في باطل فيعطيها ويطلب رضاها وهذا من ، أي : مخافة من أن يفضي إليه ، وأكثر المباحات داعية إلى المحظورات حتى استكثار الأكل واستعمال الطيب للمتعزب فإنه يحرك الشهوة ثم الشهوة تدعو إلى الفكر ، والفكر يدعو إلى النظر والنظر يدعو إلى غيره وكذلك النظر إلى دور الأغنياء وتجملهم مباح في نفسه ولكن يهيج الحرص ويدعو إلى طلب مثله ويلزم منه ارتكاب ما لا يحل في تحصيله وهكذا المباحات كلها إذا لم تؤخذ بقدر الحاجة في وقت الحاجة مع التحرز من غوائها بالمعرفة أولا ، ثم ثانيا ، فقلما تخلو عاقبتها عن خطر وكذا كل ما أخذ بالشهوة فقلما يخلو عن خطر حتى كره ترك مالا بأس به مخافة مما به البأس تجصيص الحيطان وقال : أما تجصيص الأرض فيمنع التراب ، وأما تجصيص الحيطان فزينة لا فائدة فيه حتى أنكر تجصيص المساجد وتزيينها واستدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أحمد بن حنبل موسى ، وإنما هو شيء مثل الكحل يطلى به ، فلم يرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وكره السلف الثوب الرقيق وقالوا : من رق ثوبه رق دينه وكل ذلك خوفا من سريان اتباع الشهوات في المباحات إلى غيرها ، فإن المحظور والمباح تشتهيهما النفس بشهوة واحدة وإذا تعودت الشهوة المسامحة استرسلت فاقتضى خوف التقوى الورع عن هذا كله فكل حلال انفك عن مثل هذه المخافة فهو الحلال الطيب في الدرجة الثالثة ، وهو كل ما لا يخاف أداؤه إلى معصية البتة . أنه سئل أن يكحل المسجد فقال لا عريش كعريش :