باب في أحكام لعان الزوجين
يتعلق باللعان أربعة أحكام: سقوط الحد عن الزوجين، ونفي الولد والفراق وتأبيد التحريم على اختلاف بين الناس في هذين القسمين الأخيرين، فإن التعنا سقط عن الزوج حد القذف، وعنها حد الزنا الذي أثبته بالتعانه، ويسقط نسب الولد. وإذا نكل أحدهما أو أكذب الزوج نفسه بعد تمام اللعان
واختلف في وقوع الفراق فقال مالك يقع الفراق بنفس اللعان، ولا تحل له أبدا. وابن القاسم:
وقال محمد بن أبي صفرة: اللعان لا يرفع العصمة، لقول عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فأحدث طلاقا قطع به العصمة، نزه نفسه على أن يقوم عليه دليل كذب بإمساكها، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل عويمر سنة المتلاعنين، وهذا هو قول وقاس أبي حنيفة، لا تأثير للعان في الفرقة، وإنما يسقط النسب والحدود، وهما على الزوجية كما كانا، وحمل فعل عثمان البتي: عويمر أنه على الندب؛ لأن الزوج مندوب إلى فراق [ ص: 2461 ] زوجته إذا علم منها الزنا، لئلا يلحق به غير ولده، وهو لا يعلم، ولأن التعانه أربعة شهادات كالبينة، فهو إذا ردت شهادته بشهادتها الأربع أبين ألا يفرق بينهما، ولو شهد عليها بالزنا أربعة، وهي بكر، لم يفرق بينهما، وقد يحمل الفراق والتحريم في اللعان على ما كان في قوله سبحانه: الزاني لا ينكح إلا زانية [النور: 3] ثم نسخ، فإن حد حد القذف إن كان حرا ثمانين، وإن كان عبدا أربعين. وقيل: ثمانين. نكل الزوج عن اللعان أو أكذب نفسه
وإن لم يقع فراق، وحدت حد الزاني، فإن كانت حرة مسلمة مدخولا بها رجمت وورثها زوجها، وإن كانت غير مدخول بها جلدت مائة، وبقيت زوجة، وإن كانت أمة جلدت خمسين، دخل بها أو لم يدخل، وإن كانت كتابية عوقبت، وعلى قول التعن ونكلت الزوجة أو اعترفت، المغيرة تحد حد البكر، وإن أكذب الزوج نفسه ثبت نسب الولد، وكذلك إن كان سقط نسبه بالتعانه ثم أكذب نفسه قبل التعان الزوجة أو بعد فإنه يثبت نسبه، واختلف فذكر هل تحل الزوجة إذا أكذب نفسه بعد اللعان؟ عن ابن شعبان أنه قال: تحل بنكاح جديد، وهو في ذلك ثابت، قال: عبد العزيز بن أبي سلمة ينحو إليه. وأشهب
وقوله: بنكاح جديد لأنه يرى أن اللعان فسخ، وعلى القول إنه طلاق، ترجع إليه على طلقتين بقيتا له.
واختلف إذا نفى الولد بالاستبراء، ثم قال: لم أستبرئ، فقال مالك إن أكذب نفسه حد. ولم يفرق بين أن يكون اللعان للرؤية أو للاستبراء. وابن [ ص: 2462 ] القاسم:
وقال إن نفاه بالاستبراء فليس بقاذف؛ لأنه يجوز أن يكون وقعت منه الشبهة. أبو الحسن بن القصار:
وليس قوله بالبين، ولو كان الجواب على ما قال: لم تحد حد الزنا إذا نكلت؛ لأن الزوج على قوله لم يثبت عليها زنا، ولكن لو لم يمكن من نفيه بالاستبراء على القول أن الحيض يأتي على الحمل -لم يحد؛ لأنه إنما ظن ألا يكون مع الاستبراء ولد.