فصل [في لبن الفحل]
اللبن يكون للفحل بوجهين:
أحدهما أن يكون ماؤه سببا لوجود اللبن.
والثاني: أن يكون سببا لكثرته، وإن كان موجودا قبل وطئه.
ويصح وقوع الحرمة بوجه ثالث، وهو مباشرة مائه للولد وهو في البطن [ ص: 2153 ] من غير واسطة؛ لأن ماءه حينئذ ينعشه ويجري فيه.
فالأول: أن فإن الزوج بذلك أب؛ لأنه سبب وجود ذلك اللبن وعن مائه كان، فإن يتزوج امرأة ولا لبن لها فأصابها فدرت لذلك، أو تحمل فتلد فترضع بذلك اللبن، كان به أبا؛ لأنه بالإنزال شارك في اللبن؛ لأن ماءه يكثره، فإن تزوج امرأة ذات لبن ولم يتقدم لها زوج فأصابها وأنزل، كان المرضع ابنا لهما، فالأول لأنه سبب وجوده، والثاني لأنه سبب كثرته. كانت ذات لبن من زوج كان قبله فأصابها الثاني،
واختلف في هذه المسألة على ثلاثة أقوال، فقال في "المدونة": هو ابن لهما وإن حملت من الثاني. مالك
وقال في "كتاب محمد": هو ابن لهما وإن ولدت من الثاني.
وفي "مختصر الوقار": بالولادة ينقطع حكم الأول. وفي كتاب عن ابن شعبان أنه بوطء الثاني ينقطع حكم الأول. ابن وهب:
وأرى إن كان الأول سببا لوجود اللبن ألا يسقط حكمه، وإن ولدت من [ ص: 2154 ] الثاني وطالت المدة بعد الولادة، إلا أن ينقطع اللبن ثم يعود، فيعود الحكم فيه للثاني إن عاود الإصابة، وإن كان اللبن موجودا قبل الأول، وإنما تعلق حكمه من الأول؛ لأنه كثره، فإنه إذا طال عهده مما يرى أنه عاد إلى ما كان عليه قبل وطء الأول، سقط حكم الأول.
وإن سقط حكم الوطء. أصاب رجل زوجته وهي ذات لبن من غيره قبل إصابته، ثم أمسك عنها أو غاب فطالت غيبته، أو مات وعاد اللبن إلى ما كان عليه قبل،
وإن سقط حكم الأوسط وبقي حكم الأول والثالث؛ لأن الأوسط إنما كان له في التكثير خاصة، والطول يسقط حكمه، والأول سبب وجوده فلا يسقط إلا بانقطاعه. [ ص: 2155 ] تزوج امرأة وحملت وولدت، ثم طلقت فتزوجها ثان وأصابها، ثم طلقها وتزوجها ثالث واللبن الكائن عن ولادة الأول قائم وطالت المدة عن إصابة الأوسط،