المطلب الثالث: في الرجوع بأخذ الموهوب
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: إذا قارنته نية:
فهل يعد هذا رجوعا أو لا؟ اختلف القائلون بجواز رجوع الأب في هبته في هذه المسألة على قولين: إذا أخذ الوالد ما وهبه لولده، بنية الرجوع
القول الأول: أنه يعد رجوعا:
وبه قال الحنفية عند وجود ما يقتضي الرجوع.
وذهب إليه الحنابلة.
قالوا: والقول قوله في نيته. [ ص: 117 ]
واحتجوا بما يلي:
1- أن العقد قد صح بالإعطاء، فكذلك الرجوع يكون بأخذ المعطى.
2- ولأن اللفظ إنما كان رجوعا لدلالته عليه، فكذلك كل ما دل عليه.
القول الثاني: أنه لا يعد رجوعا.
ذهب إليه الشافعية: فلا يحصل إلا بالقول الصريح في الرجوع.
قال في الحاوي: "لأنه استرجاع ملك فكان أغلظ".
أي: كما أن التمليك لا يحصل بالمعاطاة، فهذا من باب أولى.
وقد نوقش: بعدم تسليم الأصل المقيس عليه، فالصحيح انعقاد الهبة بالمعاطاة، وأنها لا تفتقر إلى قول، كما سبق في مباحث ما تنعقد به الهبة.
الترجيح:
الذي يظهر لي رجحانه ما ذهب إليه أصحاب القول الأول; لما تقدم من الأدلة الدالة على صحة الهبة بالمعاطاة في مباحث ما تنعقد به الهبة.