ومنها : ، فهو تعديل . حكاه أن يعمل بخبره إذا تحقق أن مستنده ذلك الخبر ، ولم يكن عمله على الاحتياط عن الأصحاب ، ونقل القاضي أبو الطيب الآمدي فيه الاتفاق ، وليس بجيد ، فقد حكى الخلاف فيه القاضي [ ص: 170 ] في " التقريب " ، والغزالي في " المنخول " . وقال إمام الحرمين وابن القشيري : فيه أقوال . أحدها : أنه تعديل له . والثاني : ليس بتعديل . والثالث : قال : وهو الصحيح إن أمكن أنه عمل بدليل آخر ، ووافق عمله من حيث الخبر الذي رواه ، فعمله ليس بتعديل ، وإن بان بقوله أو بقرينة إنما عمل بالخبر الذي رواه ولم يعمل بغيره ، فإن كان ذلك من مسائل الاحتياط فهو تعديل ، وإلا فلا ، وهو اختيار القاضي في " التقريب " . قال : وفرق بين قولنا : عمل بالخبر ، وبين قولنا : عمل بموجب الخبر ، فإن الأول يقتضي أنه مستنده . والثاني لا يقتضي ذلك لجواز أن يعمل به لدليل غيره ، وقال الغزالي : المختار أنه إن أمكن حمل عمله على الاحتياط فلا ، وإن لم يمكن فهو كالتعديل ; لأنه يحصل الثقة .
وكذا قال إلكيا الطبري : إن كان الذي عمل به من باب الاحتياط ، ولم يكن من المحظورات التي يخرج المتحلي بها عن سمة العدالة لم يكن تعديلا ، وإلا كان تعديلا على التفصيل السابق . قال : هذا كله بشرط أن لا يكون ما عمل به يتوصل إليه بظاهر أو قياس جلي ، وقد ينقدح في خاطر الفقيه ، أنه وإن لم يتوصل إليه بقياس أو ظاهر أمكن أنه عمل برواية غيره لهذا الحديث لا من روايته ، ويتجه على هذا أنه إذا لم يظهر عنه رواية فلا محمل له إلا روايته قال : ومن فروع هذا قبول المرسل . وقال الماوردي : شرط إمام الحرمين أن لا يكون ذلك العمل مما [ ص: 171 ] لا يؤخذ فيه بالاحتياط ، حتى يجوز أن يكون الراوي احتاط للعمل ، بأن أخذ بالرواية . قال : وهذا في الحقيقة راجع لقولنا أولا ، إذا علم أنه إنما عدل عن الحديث ، والأخذ بالاحتياط ضرب منه ، وفصل بعض المتأخرين بين أن يعمل بذلك في الترغيب والترهيب ، فلا يقبل ; لأنه يتسامح فيه بالضعف ، أو غيرهما فيكون تعديلا ، وهو حسن . وأما قال ترك العمل بما رواه ، فهل يكون جرحا ؟ القاضي : إن تحقق تركه للعمل بالخبر مع ارتفاع الدوافع والموانع ، وتقرر عندنا تركه موجب الخبر مع أنه لو كان ثابتا للزم العمل به ، فيكون ذلك جرحا . وإن كان مضمون الخبر مما يسوغ تركه ، ولم يتبين قصده إلى مخالفة الخبر ، فلا يكون جرحا ، كما لو عمل بالخبر وجوزنا أنه كان ذلك بخبر آخر ، فإنه ليس بتعديل .