وزيد أيضا ياء من آنائي وبابه والواو في أولاء
لما فرغ من الكلام على أنواع الألف الزائدة التي تلزمها الدارة، شرع في الكلام على زيادة الياء وزيادة الواو، فأما زيادة الياء فنوعها إلى ثلاثة أنواع: نوعان تلزمهما الدارة ونوع لا تلزمه الدارة، وأما زيادة الواو فهي عنده نوع واحد، فأما أنواع الياء فأولها ما زيد بعد همزة مكسورة نحو: "من آنائي"، وثانيها ما زيد بعد ياء ساكنة، وهو: "بأييد"، وهذان محل الدارة عند الناظم، وثالثها ما قبل ياء مشددة نحو: بأييكم ، وهذا لا دارة فيه، فأما النوع الأول وهو ما بعد همزة مكسورة، فإليه أشار بقوله "من آنائي وبابه" وهذا النوع ينقسم إلى قسمين: قسم ليس قبل الهمزة فيه ألف نحو: "من نبإي"، وقسم قبل الهمزة فيه ألف نحو: "من تلقائي"، ومنه لقاء معا في "الروم"؟ عند الغازي، وضبط القسم الأول بجعل الهمزة صفراء مع حركتها تحت الألف وجعل الدارة على الياء دلالة على زيادتها وضبط القسم الثاني بجعل صفراء مع حركتها في السطر، وجعل الدارة على الياء دلالة على زيادتها، وهذا الضبط في القسمين هو الذي جرى به العمل عندنا، وهو مبني على ما قدمناه في الرسم من أن الياء زائدة لتقوية الهمزة وبيانها، أو للدلالة على إشباع حركة الهمزة من غير تولد ياء لتتميز عن الحركة المختلسة، وهذا هو الذي بنى عليه الناظم هنا; لأنه نص آخر الباب على لزوم الدارة لهذه الياء، وذلك إنما ينبني على زيادتها لما قدمنا؛ إذ لو بنينا على غير ذلك مما ذكروه في توجيه رسم الياء في القسمين لم تجعل الدارة على الياء أصلا."واعلم" أن صريح كلام الناظم في الرسم أن الياء في باب: "ملإيه"، والياء في: اللائي زائدتان، فيكون باب: "ملإيه" داخلا هنا في القسم الأول، وهو ما ليس قبل الهمزة فيه ألف، ويكون: اللائي ، داخلا هنا في القسم الثاني، وهو ما قبل الهمزة فيه ألف، وقد قدمنا في الرسم الكلام على باب: "ملإيه" رسما وضبطا، فارجع إليه إن [ ص: 323 ] شئت.
"وأما" اللائي ، فقد رسم بالياء في جميع المصاحف حيثما وقع في القرآن، فيحتمل أن تكون ياؤه ليست بزائدة، وإنما هي صورة للهمزة إما إلحاقا بما استثني مما بعد ساكن نحو: "لتنو أ"، أو على مراد وصل الهمزة بما بعدها، فتصير كالمتوسطة التي تصور من مجانس حركتها نحو: "من أنبائكم"، وهذا الاحتمال هو الجاري على قاعدة أن الحرف إذا دار بين الزيادة وعدمها فحمله على عدم الزيادة أولى; لأنه الأصل، ويحتمل أن تكون ياؤه زائدة تقوية للهمزة، أو دلالة على إشباع حركتها، أو مراعاة لقراءة من قرأ: اللائي بياء ساكنة بعد الهمزة، وهذا الاحتمال هو الجاري على القياس في الهمزة المتطرفة الواقعة بعد ساكن كالألف في نحو: "السماء" و: "الماء" إذ قياسها أن لا ترسم لها صورة.
والاحتمال الأول هو ظاهر كلام الشيخين حيث بنيا ضبط: اللائي لورش على أنها خلف من الهمزة كما سيأتي، والاحتمال الثاني هو صريح كلام الناظم في الرسم كما قدمناه وكأن الناظم فهم أن بناء الشيخين ضبط: "اللائي" على الاحتمال الأول، لكونه هو المختار عندهما مع تجويزهما زيادة الياء في: اللائي ، فذكره في الرسم مع ما زيدت فيه الياء جمعا للنظائر، ولو على احتمال مرجوح عندهما، وهو فهم صحيح.
"واعلم" أن رواية في: اللائي تحقيق الهمزة، وأما قالون فالرواية المشهورة عنه تسهيلها بينها وبين الياء، ولم يتعرض الشيخان لضبط: اللائي على رواية ورش ومقتضى قواعد الفن أن يكون ضبطه له بجعل الهمزة صفراء تحت الياء من غير دارة فوقها، هذا إذا قلنا: إن الياء غير زائدة وإنما هي صورة للهمزة، وأما إذا قلنا: إن الياء زائدة فيكون ضبطه قالون، بجعل الهمزة صفراء قبل الياء، وجعل دارة حمراء فوق الياء دلالة على زيادتها، والعمل عندنا على الضبط الأول لقالون وأما لقالون، ففي ضبط: اللائي له على رواية التسهيل المشهورة عنه وجهان نقلهما ورش عن شيخه أبو داود : أولهما أن تجعل تحت الياء نقطة بالحمراء، وفوقها دارة علامة لتخفيفها، ودلالة على أنها همزة ملينة بين بين، وأن كسرتها ليست خالصة ولا سكونها أيضا، والوجه الثاني أن تعرى الياء من النقط إذ كسرها غير [ ص: 324 ] خالص، وتجعل الدارة وحدها عليها. اه. أبي عمرو الداني
واختار تعرية الياء من ضبط الوجهين المذكورين، فتحصل أن المنصوص في ضبط: اللائي ، أبو داود على رواية التسهيل ثلاثة أوجه، وهي مبنية على أن الياء خلف من الهمزة، كما صرح به لورش لا زائدة، وبقي فيه وجه رابع؛ وهو أن تجعل نقطة حمراء تحت الياء علامة للتسهيل من غير أن تجعل الدارة فوق الياء، وهذا الوجه هو الذي يقتضيه قول الناظم فيما سبق، "وذا الذي ذكرت في المسهل" البيت، كما قدمناه، وبالوجه الأول من هذه الأوجه الأربعة جرى العمل عندنا، ولم يتعرض الشيخان لضبط: اللائي0 أبو داود على رواية التسهيل إذ قلنا: إن الياء فيه زائدة، ومقتضى القواعد أن تجعل نقطة حمراء قبل الياء علامة للتسهيل بين بين، وتجعل دارة فوق الياء دلالة على زيادتها، وقول الناظم: "والواو في أولاء" أشار به إلى ما زيدت فيه الواو، وهو عنده نوع واحد، وذلك ما زيدت فيه الواو بعد همزة مضمومة، وهو: أولاء ، وبابه، وحذف "وبابه" هنا لدلالة ما تقدم عليه، ومراده: أولاء0 كيفما أتى في القرآن أي: سواء اتصل به حرف خطاب لمفرد، أو غيره أم لا كما قدمنا في الرسم، والمراد ببابه بقية ما زيدت فيه الواو من هذا النوع، وذلك: "أولوا"، و:0 أولي ، و: لورش أولات ، وكذلك "سأوريكم"، و: لأصلبنكم ، عند من زاد الواو فيهما، وقد قدمنا في الرسم أن العمل على زيادة الواو في: "سأوريكم" في "الأعراف"، و: "الأنبياء" وعلى عدم زيادتها في: لأصلبنكم في "طه" و: "الشعراء" كالذي في "الأعراف" المتفق على عدم زيادة الواو فيه.
وكيفية ضبط هذا النوع بناء على توجيه زيادة الواو فيه بما قدمناه في الرسم أن تجعل الهمزة صفراء في وسط الألف، ومعها حركتها، وتجعل الدارة الحمراء على الواو دلالة على زيادتها، وبهذا الضبط جرى العمل عندنا، ومما يجري مجرى هذا النوع في الضبط هؤلاء عند النحاة، فإن مذهبهم أن الواو الموجودة فيه زائدة، وأن الهمزة غير مصورة كما قدمناه في الرسم، قال : ونقطه على هذا المذهب بأن تلحق ألفا حمراء بعد الهاء صورة للهمزة، وتجعل فيها النقطة الصفراء معها حركتها، وتجعل الدارة على الواو، ولا تلحق ألف [ ص: 325 ] ها التنبيه لئلا يجتمع مثلان. اه. الداني
وأما مذهب الرسام في هؤلاء فهو ما تقدم للناظم في الرسم، وهو أن الواو صورة للهمزة على مراد الوصل وهو الصحيح.
وضبطه بجعل الهمزة صفراء على الواو، ومعها حركتها، وحكم الألف التي قبلها داخل في مدلول قول الناظم: "وإن تكن ساقطة في الخط" البيت، وقوله: "والواو" مرفوع بالعطف على "ياء"،