فكل ما الألف فيه أدخلا كقوله لأذبحن لإلى
وشبهه مما بقي فالمتصل باللام صورة وقيل: المنفصل
وهذا الضبط هو الذي جرى به العمل، وهو مبني على ما قدمناه في الرسم من أن زيادة الألف في هذا النوع للدلالة على إشباع حركة الهمزة، فيعلم بذلك أن فتحتها مشبعة أي تامة لا مختلسة، أو أن زيادتها لتقوية الهمزة، وبيانها لأنها حرف خفي بعيد المخرج، فقويت بزيادة الحرف في الكتابة كما قويت بزيادة المد في التلاوة، وعلى أن الألف زائدة لما قدمنا، بنى الناظم هنا -لأنه نص آخر- هذا الباب على لزوم الدارة لهذه الألف، وذلك إنما ينبني على أنها زائدة لما قدمنا؛ إذ لو بنينا على غيره من بقية الأوجه التي وجهوا بها لم تجعل عليها الدارة أصلا، وأما النوع الثاني وهو: لإلى ، فإذا بنينا على أن الألف الزائدة فيه هي المنفصلة، فلا توجه إلا بكونها تقوية للهمزة وبيانا لها، وكيفية ضبط هذا النوع أن تجعل الهمزة صفراء مع حركتها تحت المعانق، والدارة فوق الألف المنفصل، وهذا الضبط الذي ذكرناه في النوعين إنما هو على القول الراجح، وهو أن الألف المنفصلة هي الزائدة، وأما على مقابله وهو أن الزائد هو المعانق، فإنك تجعل النقطة الصفراء مع حركتها فوق المنفصل في النوع الأول، وتحته في النوع الثاني، وتجعل الدارة على المعانق في النوعين، وقول الناظم: "المنفصل" مبتدأ خبره محذوف؛ أي: صورة دل عليه ما قبله، ثم قال:
وزيد ما في مأية وجايء وتيأسوا وشبهه مجيئا
وكيفية ضبط: "تايئسوا"، و: "يايئس"، أن تجعل الدارة على الألف، وتجعل الهمزة نقطة صفراء في السطر بعد الياء، وكيفية ضبط: "لشايء" في "الكهف" أن تجعل الدارة على الألف، وتجعل الهمزة صفراء بعد الياء في السطر، وضبط: "استايئسوا"، و: "استايئس"، عند من يزيد الألف فيهما كضبط: "تايئسوا"، و: "استايئس".
رابع الأنواع التي في هذا البيت: ما زيدت الألف فيه بعد واو متطرفة دالة على الجمع، وإليه أشار ب: "تايئسوا" وشبهه، ف: "تايئسوا" أتى به الناظم مثالا للنوع الثالث والرابع، وذلك; لأن فيه زيادة في موضعين بين الفتحة والياء الساكنة وبعد الواو، فكل موضع دلت فيه الزيادة على نوع وضمير، و: "شبهه" عائد على "تايئسوا"، ومراده بشبهه في هذا النوع كل لفظة في آخرها واو دل على جمع سواء كان الواو مجانسا لما قبله أم لا، كان ضميرا أو لا، نحو: قالوا ، اشتروا ، "مرسلوا الناقة"، وقد قدمنا في الرسم وجه زيادة الألف التي بعد الواو في هذا النوع، وأما ضبطه فبجعل الدارة على الألف دلالة على زيادتها، وقوله: "مجيئا" تمييز أو مصدر في موضع الحال، ويقع في بعض النسخ "وجاء ما في مائة"، فعليها يكون: "مجيئا" مفعولا مطلقا، ثم قال:
وبعد واو الفرد ثم تفتؤا وبابه وفي الربوا وفي امرؤا
النوع الثاني من الأنواع التي أشار إليها في هذا البيت: ما زيدت فيه الألف بعد واو متطرفة جعلت صورة للهمزة على خلاف الأصل، ولا فرق بين أن يكون قبل الهمزة في هذا النوع ألف ك: "علماؤا" و: "برءاؤا"، أو لم يكن قبلها ألف ك: "تفتؤا"، و: "يتفيؤا"، وإلى ذلك أشار بقوله: "ثم تفتؤا وبابه"، وقد قدمنا في الرسم أن الواو في كلمات هذا النوع صورة للهمزة على مراد وصلها بما بعدها، فكأنها متوسطة نحو: "أبناؤكم"، و: يذرؤكم ، وقدمنا أيضا علة زيادة الألف في هذا النوع، وعلى أن الواو صورة للهمزة، والألف زائدة بنى الناظم هنا لحكمه آخر الباب بلزوم جعل الدارة على الألف، وما بنى عليه الناظم هو المختار، وعليه فكيفية ضبط هذا النوع أن تجعل الهمزة صفراء فوق الواو معها حركتها، وتجعل الدارة على الألف دلالة على زيادتها، وهذا الضبط هو الذي جرى به العمل.
الثالث من الأنواع التي أشار إليها في هذا البيت ما زيدت فيه الألف بعد واو معوضة من ألف في الطرف، وإليه أشار بقوله: و: "في الربوا" ويجري مجراه: "من ربوا"، في "الروم" عند من كتبه بألف بعد الواو، وقد قدمنا في الرسم وجه زيادة الألف في "الربوا"، وفي "ربوا"، وأن العمل في "ربا" على رسمه بالألف، وتقدم للناظم أن الواو تلحق عليها ألف حمراء، فيكون ضبط: "الربوا" بجعل الألف الحمراء فوق الواو، وجعل الدارة على الألف.
الرابع من الأنواع التي أشار إليها في هذا البيت: ما زيدت فيه الألف بعد واو متطرفة جعلت صورة للهمزة على القياس، وإليه أشار بقوله: "وفي امرؤ" أي: في سورة "النساء"، ومن هذا النوع: لؤلؤا ، رفعا وجرا عند من زاد الألف فيه، وقد قدمنا في الرسم وجه زيادتها في "امرؤا" وتقدم للناظم وجه زيادتها في [ ص: 321 ] لؤلؤا رفعا وجرا عند من زادها، وأما ضبط هذا النوع فبجعل الهمزة نقطة صفراء فوق الواو في: "امرؤا"، و: "لؤلؤا"، المرفوع، وتحت الواو في: "لؤلؤ" المجرور، وجعل الدارة فوق الألف، وقد قدمنا في الرسم أن العمل على عدم زيادة الألف في: لؤلؤ ، الذي في "الطور" و: "الواقعة"، وعلى زيادتها في: "اللؤلؤا"، الذي في الرحمن".
"وهنا" كملت أنواع الألف الزائدة العشرة التي تحتاج إلى الدارة، وبقي مما ذكره الناظم في الرسم من أنواع زيادة الألف أربعة أنواع: أولها لأهب ، على قراءة الياء، وثانيها: "ابن"، حيث وقع، وثالثها إذا ، و: لنسفعا ، و: ليكونا ، ورابعها لكنا و: إنا ، وإنما لم يذكرها هنا; لأنه يرى أن الزائد الذي تجعل عليه الدارة إنما هو الزائد حقيقة، وهو ما لا يلفظ به لا وصلا ولا وقفا، وذلك موجود في جميع الأنواع التي ذكرها هنا، وأما الأنواع التي سكت عنها هنا فليست الألف فيها كذلك، بل هي إما ثابتة في الحالين كما في: لأهب ، فإن الألف فيه عوض عن الياء إن قلنا: إن الياء فيه حرف مضارعة، وصورة للهمزة إن قلنا: إن الياء فيه مبدلة من الهمزة، فصارت الألف كأنها هي الياء فثبتت في الحالين، وإما ثابتة في الوقف كما في الأنواع الثلاثة الباقية، فرأي الناظم جعل الدارة في هذه الأنواع الأربعة يوهم إسقاط الألف بالكلية وصلا ووقفا وليس كذلك، فكان ذلك سبب سكوته عنها هنا، وما رآه في ذلك صحيح; لأن القواعد تقتضيه، وإن وقع في كلام الشيخين التمثيل للألف المزيدة المستحقة للدارة ب: أنا ومن اتبعني ، و: أنا ورسلي ، قائلين: وشبهه، لكن لم يوافقهما الناظم لما تقدم، وبعدم جعل الدارة على الألف في الأنواع الأربعة جرى العمل.
فإن قلت: لما كان الناظم يرى أن الألف في الأنواع الأربعة لا تستحق الدارة لما تقدم، كان حقه أن لا يطلق في الرسم الزيادة عليها؛ إذ إطلاق الزيادة عليها يقتضي أنها زائدة حقيقة، قلت: قد قدمنا في الرسم أن إطلاقه الزيادة عليها تسامح اعتمد فيه على أن سكوته عنها هنا يدل على أنها ليست زائدة حقيقة، وقوله: "بعد واو" معطوف على الجار والمجرور في البيت الذي قبله، و: "تفتؤا" معطوف على "واو الفرد" ب: "ثم"، وقوله: [ ص: 322 ] "وبابه" معطوف بالجر على "تفتؤا"، وهذا البيت يقع في بعض النسخ في هذا الموضع وهو الصواب، ويقع في بعضها بعد هذا الموضع وليس بصواب،