[ ص: 139 ] الباب الخامس باب: ؟ ذكر ما اختلف فيه هل هو شرط في النسخ أم لا
"اتفق العلماء على ، فأما جواز نسخ القرآن بالقرآن والسنة بالسنة ، فالسنة تنقسم قسمين: أحدهما: ما ثبت بنقل متواتر ، كنقل القرآن ، فهل يجوز أن ينسخ القرآن هذا ، حكى فيه شيخنا نسخ القرآن بالسنة علي بن عبيد الله روايتين عن ، قال: والمشهور لا يجوز ، وهو مذهب أحمد الثوري ، والرواية الثانية [ ص: 140 ] يجوز ، وهو قول والشافعي ، أبي حنيفة ، قال: ووجه الأولى: قوله تعالى: ومالك ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ، والسنة ليست مثلا للقرآن ، وروى من حديث الدارقطني ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " جابر بن [ ص: 141 ] عبد الله كلامي لا ينسخ القرآن ، والقرآن ينسخ بعضه بعضا " .
ومن جهة المعنى ، فإن السنة تنقص عن درجة القرآن فلا تقدم عليه ، ووجه الرواية الثانية ، قوله تعالى: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ، والنسخ في الحقيقة بيان مدة المنسوخ ، فاقتضت هذه الآية قبول هذا البيان ، قال: وقد نسخت: الوصية للوالدين والأقربين ، بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " " ونسخ قوله تعالى: لا وصية لوارث ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه [ ص: 142 ] بأمره عليه السلام ، أن يقتل ابن خطل ، وهو متعلق بأستار الكعبة ، ومن جهة المعنى ، أن السنة مفسرة للقرآن وكاشفة لما يغمض من معناه ، فجاز أن ينسخ بها ، والقول الأول هو الصحيح ، لأن هذه الأشياء تجري مجرى البيان للقرآن ، لا النسخ ، وقد روى ، قال: سمعت أبو داود السجستاني رضي الله عنه ، يقول: السنة تفسر القرآن ، ولا ينسخ القرآن إلا القرآن ، وكذلك قال أحمد بن حنبل : إنما ينسخ الكتاب الكتاب ، والسنة ليست ناسخة له . الشافعي
[ ص: 143 ] والقسم الثاني: الأخبار المنقولة بنقل الآحاد فهذه لا يجوز بها نسخ القرآن ، لأنها لا توجب العلم ، بل تفيد الظن ، والقرآن يوجب العلم ، فلا يجوز ترك المقطوع به لأجل مظنون ، وقد احتج من رأى جواز نسخ التواتر بخبر الواحد بقصة أهل قباء لما استداروا بقول واحد ، فأجيب بأن قبلة بيت المقدس لم تثبت بالقرآن ، فجاز أن تنسخ بخبر الواحد .