ولما كانوا يدعون أنهم أعظم الناس إقبالا على الغرائب؛ وتنقيبا عن الدقائق والجلائل من المناقب؛ بكتهم بقوله - واصفا له -: أنتم عنه ؛ [ ص: 416 ] أي: خاصة؛ لا عن غيره؛ والحال أن غيره من المهملات؛ ولما كان أكثرهم متهيئا للإسلام؛ والرجوع عن الكفران؛ لم يقل: "مدبرون"؛ ولا "تعرضون"؛ بل قال: معرضون ؛ أي: ثابت لكم الإعراض في هذا الحين؛ وقد كان ينبغي لكم الإقبال عليه خاصة؛ والإعراض عن كل ما عداه؛ لأن في ذلك السعادة الكاملة؛ ولو أقبلتم عليه بالتدبر لعلمتم قطعا صدقي؛ وأني ما أريد بكم إلا السعادة في الدنيا؛ والآخرة؛ فبادرتم الإقبال إلي؛ والقبول لما أقول.