سورة آل عمران
الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام
الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم وقد ذكرنا تفسير ذلك من قبل. فإن قيل: الم اسم من أسماء الله تعالى كان قوله: الله لا إله إلا هو نعتا للمسمى به ، وتفسيره أن الم هو الله لا إله إلا هو. وإن قيل: إنه قسم كان واقعا على أنه سبحانه لا إله إلا هو الحي القيوم ، إثباتا لكونه إلها ونفيا أن يكون غيره إلها. وإن قيل بما سواهما من التأويلات كان ما بعده مبتدأ موصوفا ، وأن الله هو الذي لا إله إلا هو الحي القيوم. ونزلت هذه الآية إلى نيف وثمانين آية من السورة في وفد نجران من النصارى لما جاؤوا يحاجون النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا أربعة عشر رجلا من أشرافهم. نزل عليك الكتاب بالحق فيه وجهان: أحدهما: بالعدل مما استحقه عليك من أثقال النبوة. [ ص: 368 ]
والثاني: بالعدل فيما اختصك به من شرف الرسالة. وإن قيل بأنه الصدق ففيه وجهان: أحدهما: بالصدق فيما تضمنه من أخبار القرون الخالية والأمم السالفة. والثاني: بالصدق فيما تضمنه من الوعد بالثواب على طاعته ، والوعيد بالعقاب على معصيته. مصدقا لما بين يديه أي لما قبله من كتاب ورسول ، وإنما قيل لما قبله بين يديه لأنه ظاهر له كظهور ما بين يديه. وفي قوله: مصدقا لما بين يديه قولان: أحدهما: معناه مخبرا بما بين يديه إخبار صدق دل على إعجازه. والثاني: معناه أنه يخبر بصدق الأنبياء فيما أتوا به على خلاف من يؤمن ببعض ويكفر ببعض. قوله عز وجل: إن الذين كفروا بآيات الله فيه وجهان: أحدهما: بدلائله وحججه. والثاني: بآيات القرآن ، قال يريد ابن عباس وفد نجران حين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحاجته. لهم عذاب شديد يعني عذاب جهنم. والله عزيز فيه وجهان: أحدهما: في امتناعه. الثاني: في قدرته. ذو انتقام فيه وجهان: أحدهما: ذو سطوة. والثاني: ذو اقتضاء.