وقد كفروا به حال أو معطوف أو مستأنف والأول أقرب، والضمير المجرور لما عاد عليه الضمير السابق في آمنا به من قبل أي من قبل ذلك في أوان التكليف.
ويقذفون بالغيب أي كانوا يرجمون بالمظنون ويتكلمون بما لم يظهر لهم، ولم ينشأ عن تحقيق في شأن الله [ ص: 159 ] عز وجل فينسبون إليه سبحانه الشريك ويقولون الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا أو في شأن الرسول عليه الصلاة والسلام فيقولون فيه وحاشاه: شاعر وساحر وكاهن، أو في شأن العذاب أو البعث فيبتون القول بنفيه من مكان بعيد من جهة بعيدة من أمر من تكلموا في شأنه، والجملة عطف على وقد كفروا وكان الظاهر وقذفوا إلا أنه عدل إلى صيغة المضارع حكاية للحال الماضية، والكلام قيل لعله تمثيل لحالهم من التكلم بما يظهر لهم ولم ينشأ عن تحقيق بحال من يرمي شيئا لا يراه من مكان بعيد لا مجال للظن في لحوقه، وجوز كونه عطفا على الزمخشري قالوا آمنا به على أنهم مثلوا في طلبهم تحصيل ما عطلوه من الإيمان في الدنيا بقولهم آمنا في الآخرة وذلك مطلب مستبعد بمن يقذف شيئا من مكان بعيد لا مجال للظن في لحوقه حيث يريد أن يقع فيه لكونه غائبا عنه شاحطا.
وقرأ وأبو حيوة ومحبوب عن مجاهد «يقذفون» مبنيا للمفعول، قال أبي عمرو : أي ويرجمهم الوحي بما يكرهون مما غاب عنهم من السماء، وكأن الجملة في موضع الحال من ضمير كفروا كأنه قيل: وقد كفروا به من قبل وهم يقذفون بالحق الذي غاب عنهم وخفي عليهم، والمراد تعظيم أمر كفرهم، وجوز أن يراد بالغيب ما خفي من معايبهم أي وقد كفروا وهم يقذفهم الوحي من السماء ويرميهم بما خفي من معايبهم، وقال مجاهد أبو الفضل الرازي: أي ويرمون بالغيب من حيث لا يعلمون، ومعناه يجازون بسوء أعمالهم ولا علم لهم بمأتاه إما في حال تعذر التوبة عند معاينة الموت وإما في الآخرة انتهى، وفي حالية الجملة عليه نوع خفاء، وقال : أي وتقذفهم الشياطين بالغيب ويلقنونهم إياه وكأن الجملة عطف على ( قد كفروا ) وقيل أي يلقون في النار وهو كما ترى. الزمخشري