ولو صدق فيه ; لأن الكلام إذا قيد بالاستثناء يصير عبارة عما وراء المستثنى لا أن يكون رجوعا عن القدر المستثنى قال الله تعالى { قال غصبتك هذا العبد أمس إلا نصفه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما } معناه تسعمائة وخمسين فأما لو جعلناه في معنى الرجوع كان ذلك قولا بالغلط فما أخبر الله تعالى به حتى تداركه بالاستثناء وذلك لا يجوز ثم هذا بيان فيه تعبير ; لأن صدر كلامه [ ص: 192 ] إقرار بغصب ما سمي عبدا وبالاستثناء تبين أن المغصوب لم يكن عبدا فلما كان تعبيرا صح موصولا لا مفصولا وكذلك لو قال إلا ملبسه إلا على قول القرار رحمه الله فإنه لا يجوز استثناء الأكثر مما تكلم به ; لأن العرب لم تتكلم بذلك ولكنا نجوزه استدلالا بقوله تعالى { قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا } ; ولأن طريق صحة الاستثناء أن يجعل عبارة عما وراء المستثنى ولا فرق بين الاستثناء في الأقل والأكثر وإن لم تتكلم به العرب لم يمتنع صحته إن كان موافقا لطريقهم كاستثناء الكسور لم تتكلم به العرب وكان صحيحا ولو قال إلا العبد كله كان الاستثناء باطلا ; لأنه لا يمكن تصحيحه بأن جعل عبارة عما وراء المستثنى فإنه لا يبقى وراء المستثنى شيء فكان هذا رجوعا لا استثناء والرجوع عن الإقرار باطل موصولا كان أو مفصولا .