ولو لم يلزمه شيء استحسانا وفي القياس استثناؤه باطل ; لأن ذكر الاستثناء بمنزلة الشرط وذلك إنما يصح في الإنشاءات دون الإخبارات ولكنه استحسن فقال : الاستثناء يخرج الكلام من أن يكون عزيمة إلا أن يكون في معنى الشرط فإن الله تعالى أخبر عن قال غصبتك هذا العبد أمس إن شاء الله تعالى موسى عليه السلام حيث قال { ستجدني إن شاء الله صابرا } ولم يصبر على ذلك والوعد من الأنبياء عليهم السلام كالعهد من غيرهم فدل أن الاستثناء مخرج للكلام من أن يكون عزيمة وقال صلى الله عليه وسلم { } والإقرار لا يكون ملزما إلا كلام هو عزيمة لكن إنما يعمل هذا الاستثناء إذا كان موصولا بالكلام لا إذا كان مفصولا إلا على قول من استثنى فله ثنياه رضي الله عنه فإنه قال يعمل بالاستثناء وإن كان مفصولا استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس قريشا ثم قال بعد سنة إن شاء الله تعالى } ولنا نقول : الاستثناء مخرج لكلامه من أن يكون عزيمة فكان مغيرا لموجب مطلق الكلام والتعبير إنما يصح موصولا بالكلام لا مفصولا فإنه بمنزلة الفسخ والتبديل والمقر لا يملك ذلك في إقراره فكذلك لا يملك الاستثناء المفصول وهذا بخلاف الرجوع من الإقرار فإنه لا يصح وإن كان موصولا ; لأن رجوعه نفي لما أثبته فكان تناقضا منه والتناقض لا يصح مفصولا كان أو موصولا أما هذا بيان فيه تعبير فإن الكلام نوعان لغو وعزيمة فبالاستثناء تبين أن كلامه ليس بعزيمة وبيان التعبير يصح موصولا لا مفصولا بمنزلة التعليق بالشرط فإنه متبين أن صدر كلامه لم يكن إيقاعا بعد أن كان ظاهرا مقتضيا للإيقاع فصح ذلك موصولا لا مفصولا وأما الحديث قلنا قوله صلى الله عليه وسلم { والله لأغزون بعد سنة إن شاء الله تعالى } لم يكن على وجه الاستثناء إنما كان على وجه الامتثال لما أمر به قال الله تعالى { واذكر ربك إذا نسيت } . .