قال : فالحبل من الذي ادعاه لنفسه ; لأنه يحمل نسب الولد على نفسه ، وأخوه إنما يحمل نسب الولد على أبيه ، ومجرد قوله ليس بحجة في إثبات النسب من أبيه فلهذا كان الذي ادعاه لنفسه أولى فإن ( قيل ) : الذي ادعى الحبل من أبيه كلامه أسبق معنى فينبغي أن يترجح بالسبق . رجل مات وترك ابنين وجارية فظهر بها حبل فادعى أحدهما أن الحبل من أبيه وادعى الآخر أن الحبل منه ، وكانت الدعوة منهما معا
( قلنا ) : هذا إن لو كان قوله حجة في إثبات العلوق من أبيه في حياته ، وقوله ليس بحجة في ذلك ويغرم الذي ادعاه لنفسه نصف قيمتها ونصف عقرها لشريكه ; لأنه يملكها بالاستيلاد على شريكه فإن ( قيل ) : كيف يضمن لشريكه ، وقد أقر الشريك أنها حرة من قبل الميت .
( قلنا ) : لأن القاضي كذبه في هذا الإقرار حين جعلها أم ولد للآخر ، والمكذب في إقراره حكما لا يبقى إقراره حجة عليه كالمشتري إذا أقر بالملك للبائع ، ثم استحق من يده رجع عليه بالثمن ، وكذلك إن كان الذي ادعاه لنفسه سبق بالدعوة ، وإن كان الذي ادعى الحبل للأب بدا بالإقرار لم يثبت من الأب بقوله ، ولكن يعتق عليه نصيبه من الأم ومما في بطنها لإقراره بحريتها ويجوز دعوة الآخر ، ويثبت نسب الولد منه ; لأنه محتاج إلى النسب ، والنصف منه باق على ملكه فإن إقرار الأول ليس بحجة في إبطال [ ص: 175 ] ملكه ، وأكثر ما فيه أنه صار كالمستسعى عند رحمه الله فتصح دعوته فيه ، ولا يضمن من قيمة الأم شيئا ; لأنه لا يتملك على شريكه نصيبه من الأم فقد عتق نصيبه من الأم بالإقرار السابق ، ويضمن نصف عقرها إن طلب ذلك أخوه ; لأنه أقر بوطئها سابقا على إقرار أخيه وهي مشتركة بينهما في ذلك الوقت فيكون مقرا بنصف العقر لأخيه بسبب لم يبطل ذلك السبب بإقرار أخيه فكان له أن يصدقه فيستوفي ذلك منه إن شاء أبي حنيفة