حنث ; لأن الخروج انفصال من الداخل إلى الخارج ، وقد وجد ذلك حين وصل إلى هذا الموضع ، وإن أخرج إحدى رجليه لم يحنث ، وكذلك إن ولو كان داخلا فيها فحلف أن لا يخرج فقام في مقام يكون الباب بينه وبين الدار إذا أغلقت لم يحنث ; لأن قيامه بالرجلين فلا يكون بأحدهما خارجا ولا داخلا ، ألا ترى { حلف أن لا يدخلها فأدخل إحدى رجليه رضي الله تعالى عنه أن يعلمه سورة ليس في التوراة ولا في الإنجيل مثلها قبل أن يخرج من المسجد ، فعلمه بعد ما أخرج إحدى رجليه أبي بن كعب } ، ولم يكن مخالفا لوعده . من أصحابنا من يقول : هذا إذا كان الداخل والخارج مستويان ، فإن كان الداخل أسفل من الخارج فبإدخال إحدى الرجلين يصير داخلا ; لأن عامة بدنه تمايل إلى الداخل ، وإن كان الخارج أسفل من الداخل فبإخراج إحدى الرجلين يصير خارجا لهذا المعنى ، والأول أصح ; لأنه لم يوجد شرط الحنث حقيقة ، فلا يحنث ، واعتبار إحدى الرجلين يوجب أن يكون حانثا ، والرجل الأخرى تمنع من ذلك فلا يحنث بالشك ، وإن دخل من حائط لها حتى قام على سطح من سطوحها ، فقد دخلها ; لما بينا أن السطح مما أدير عليه الحائط فالداخل إليه يكون داخلا فيها ، ولو دخل بيتا من تلك الدار قد شرع السكة حنث ; لأنه مما أدير عليه الحائط ، وهذا إذا كان لذلك البيت باب في الدار وباب في السكة ، وإن دخل في علوها على الطريق الأعظم ، أو دخل [ ص: 173 ] كنيفا منها شارعا إلى الطريق حنث ، وهذا إذا كانت مفتحة في الدار ; لأنه من حجر الدار ومرافقه ، فالداخل إليه لا يكون خارجا من الدار ، وإذا لم يكن خارجا كان داخلا في الدار . والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب . أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وعد