( 897 ) فصل : وإذا ، فإن كانوا رجالا سبحوا به ، وإن كانوا نساء صفقن ببطون أكفهن على ظهور الأخرى ، وبهذا قال سها الإمام فأتى بفعل في غير موضعه ، لزم المأمومين تنبيهه . وقال الشافعي : التسبيح للرجال والنساء ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { مالك } متفق عليه وحكي عن من نابه شيء في صلاته ، فليقل : سبحان الله أن تنبيه الآدمي بالتسبيح أو القرآن أو الإشارة يبطل الصلاة ; لأن ذلك خطاب آدمي ، وقد روى أبي حنيفة أبو غطفان ، عن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة من أشار بيده في الصلاة إشارة تفقه أو تفهم فقد قطع الصلاة } .
ولنا ما روى ، قال : { أبو هريرة } وعن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : التسبيح للرجال ، والتصفيق للنساء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { سهل بن سعد } متفق عليهما وروى إذا نابكم في صلاتكم شيء فليسبح الرجال ، ولتصفق النساء ، قال : قلت عبد الله بن عمر { لبلال : } وعن : كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه في الصلاة ؟ قال : كان يشير بيده ، قال : { صهيب } . قال مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فسلمت عليه ، فرد علي إشارة . وقال : لا أعلم إلا أنه قال : إشارة بإصبعه الترمذي : كلا الحديثين صحيح . وقد ذكرنا حديث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة . فأما حديث أنس ففي حق الرجال ، فإن حديثنا يفسره ، لأن فيه تفصيلا وزيادة بيان ، يتعين الأخذ بها . وأما حديث مالك فضعيف ، يرويه أبي حنيفة أبو غطفان وهو مجهول فلا يعارض به الأحاديث الصحيحة
( 898 ) فصل : إذا سبح به اثنان يثق بقولهما ، لزمه قبوله ، والرجوع إليه ، سواء غلب على ظنه صوابهما أو خلافه وقال : إن غلب على ظنه خطؤهما لم يعمل بقولهما ; لأن من شك في فعل نفسه لم يعمل بقول غيره ، كالحاكم إذا نسي حكما حكم به ، فشهد به شاهدان وهو لا يذكره . الشافعي
ولنا : { أبي بكر رضي الله عنهما ، في حديث ، وعمر ذي اليدين ، لما سألهما : أحق ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : نعم } . مع أنه كان شاكا ، بدليل أنه أنكر ما قاله أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع إلى قول ذو اليدين ، وسألهما عن صحة قوله ، وهذا دليل على شكه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالتسبيح ، ليذكروا الإمام ، ويعمل بقولهم ، وروى { ابن مسعود } . يعني بالتسبيح ، كما روي عنه في الحديث الآخر . وكذا نقول في الحاكم : إنه يرجع إلى قول الشاهدين وإن كان الإمام على يقين من صوابه ، وخطإ المأمومين ، لم يجز له متابعتهم . أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فزاد أو نقص ، إلى قوله : إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني
وقال : يلزمه الرجوع إلى قولهم ، كالحاكم يحكم بالشاهدين . ويترك يقين نفسه . وليس بصحيح ; فإنه يعلم خطأهم فلا يتبعهم في الخطأ . وكذا نقول في الشاهدين : متى علم الحاكم كذبهما لم يجز له الحكم بقولهما ; لأنه يعلم أنهما شاهدا زور ، فلا يحل له الحكم بقول الزور ، وإنما اعتبرت العدالة في الشهادة ليغلب على الظن صدق الشهود ، وردت شهادة غيرهم ; لأنه لا يعلم صدقهم ، فمع يقين العلم بالكذب أولى أن لا يقبل . أبو الخطاب
وإذا ثبت هذا ، فإنه إذا سبح به المأمومون فلم يرجع ، في موضع يلزمه الرجوع ، بطلت صلاته . نص [ ص: 377 ] عليه وليس للمأمومين اتباعه ، فإن اتبعوه لم يخل من أن يكونوا عالمين بتحريم ذلك ، أو جاهلين به ، فإن كانوا عالمين بطلت صلاتهم ; لأنهم تركوا الواجب عمدا . وقال أحمد : في هذا ثلاث روايات : إحداها ، أنه لا يجوز لهم متابعته ، ولا يلزمهم انتظاره ، إن كان نسيانه في زيادة يأتي بها ، وإن فارقوه وسلموا صحت صلاتهم . وهذا اختيار القاضي . الخلال
والثانية : يتابعونه في القيام ، استحسانا . والثالثة : لا يتابعونه ، ولا يسلمون قبله ، لكن ينتظرونه ليسلم بهم . وهو اختيار ابن حامد . والأول أولى ; لأن الإمام مخطئ في ترك متابعتهم ، فلا يجوز اتباعه على الخطأ . الحال الثاني : إن تابعوه جهلا بتحريم ذلك ، فإن صلاتهم صحيحة ; لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تابعوه في التسليم في حديث ذي اليدين ، وفي الخامسة في حديث ، فلم تبطل صلاتهم . وروى ابن مسعود بإسناده عن الأثرم ، أنه صلى صلاة العصر ، فلما سلم قال له رجل من القوم : يا الزبير أبا عبد الله إنك صليت ركعات ثلاثا . قال أكذاك ؟ قالوا : نعم . فرجع فصلى ركعة ، ثم سجد سجدتين وعن ، قال صلى بنا إبراهيم الظهر خمسا ، فلما سلم قال القوم : يا علقمة أبا شبل ، قد صليت خمسا . قال : كلا ، ما فعلت قالوا : بلى . قال : وكنت في ناحية القوم وأنا غلام ، فقلت : بلى قد صليت خمسا . قال لي : يا أعور ، وأنت تقول ذلك أيضا ؟ قلت : نعم . فسجد سجدتين . فلم يأمروا من وراءهم بالإعادة فدل على أن صلاتهم لم تبطل بمتابعتهم . ومتى عمل الإمام بغالب ظنه ، فسبح به المأمومون ، فرجع إليهم ، فإن سجوده قبل السلام لما فعله من الزيادة في الصلاة سهوا .
قال : سمعت الأثرم يسأل ، عن رجل جلس في الركعة الأولى من الفجر ، فسبحوا به فقام ، متى يسجد للسهو ؟ فقال : قبل السلام . ( 899 ) فصل أبا عبد الله ، فيعمل بغالب ظنه ، لا بتسبيحه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل قول : فإن سبح بالإمام واحد لم يرجع إلى قوله ، إلا أن يغلب على ظنه صدقه ذي اليدين وحده ، فإن سبح فساق لم يرجع إلى قولهم ; لأن قولهم غير مقبول في أحكام الشرع لتعارضهم ، كالبينتين إذا تعارضتا . ومتى لم يرجع ، وكان المأموم على يقين من خطأ الإمام ، لم يتابعه في أفعال الصلاة ، وليس هذا منها . وينبغي أن ينتظره هاهنا ، لأن صلاة الإمام ، صحيحة ، لم تفسد بزيادة ، فينتظره كما ينتظر الإمام المأمومين في صلاة الخوف . . وإن افترق المأمومون طائفتين ، وافقه قوم وخالفه آخرون ، سقط قولهم ;