( 895 ) مسألة : قال : تحرى ، فبنى على أكثر وهمه ، ثم سجد بعد السلام ، كما روي عن ومن كان إماما فشك ، فلم يدر كم صلى ؟ عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله " على أكثر وهمه " أي ما يغلب على ظنه أنه صلاه وهذا في الإمام خاصة ، وروي عن عبد الله بن مسعود رحمه الله رواية أخرى أنه يبني على اليقين ويسجد قبل السلام . كالمنفرد سواء ، اختارها أحمد أبو بكر . وروي ذلك عن ، ابن عمر ، وابن عباس ، وعبد الله بن عمرو ، وشريح والشعبي ، ، وعطاء . وهو قول وسعيد بن جبير ، سالم بن عبد الله ، وربيعة ، ومالك وعبد العزيز بن أبي سلمة ، والثوري ، والشافعي وإسحاق ، والأوزاعي ; لما روى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو سعيد الخدري } أخرجه إذا شك أحدكم في صلاته ، فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا فليطرح الشك ، وليبن على ما استيقن ، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم ، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته ، وإن كان صلى تمام الأربع كانتا ترغيما للشيطان ، مسلم وأبو داود ، وعن وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { عبد الرحمن بن عوف } رواه إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أزاد أو نقص ، فإن كان شك أحدكم في صلاته ، فلم يدر أزاد أو نقص ، فإن كان شك في الواحدة والاثنتين فليجعلهما واحدة ، حتى يكون الوهم في الزيادة ثم ليسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم ، ثم يسلم ، الأثرم . وابن ماجه
ولأن الأصل عدم الإتيان بما شك فيه ، فلزمه الإتيان به ، كما لو شك هل صلى أو لا ، وذكر ابن أبي موسى ، في الإرشاد عن رواية أخرى في المنفرد أنه يبني على غالب ظنه كالإمام ، وهو ظاهر كلام أحمد رحمه الله [ ص: 375 ] في رواية من قال : بين التحري واليقين فرق . أما حديث أحمد ، فيقول إذا لم يدر ثلاثا أو اثنتين ، جعلها اثنتين . قال : فهذا عمل على اليقين ، فبنى عليه ، والذي يتحرى يكون قد صلى ثلاثا ، فيدخل قلبه شك أنه إنما صلى اثنتين ، إلا أن يكون أكثر ما في نفسه أنه قد صلى ثلاثا ، وقد دخل قلبه شيء ، فهذا يتحرى أصوب ذلك ، ويسجد بعد السلام . قال فبينهما فرق . عبد الرحمن بن عوف
فظاهر هذا ، أنه إنما يبني على اليقين إذا لم يكن له ظن ومتى كان له غالب ظن ، عمل عليه لا فرق بين الإمام والمنفرد روي ذلك عن ، علي بن أبي طالب ، وبنحوه قال وابن مسعود ، وقاله أصحاب الرأي ، إن تكرر ذلك عليه وإن كان أول ما أصابه ، أعاد الصلاة لقوله عليه السلام { النخعي } ووجه هذه الرواية ; ما روى لا غرار في الصلاة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { عبد الله بن مسعود } . متفق عليه : إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ، فليتم عليه ، ثم ليسجد سجدتين : " بعد التسليم " . وفي لفظ : " فلينظر أحرى ذلك للصواب " وفي لفظ : ( فليتحر أقرب ذلك للصواب ) . وفي لفظ " فليتحر الذي يرى أنه الصواب " . رواه كله ، وللبخاري . وفي لفظ رواه مسلم أبو داود ، قال : ( إذا كنت في صلاة ، فشككت في ثلاث أو أربع ، وأكثر ظنك على أربع تشهدت ، ثم سجدت سجدتين وأنت جالس ) .
فعلى هذا يحمل حديث على من استوى عنده الأمران ، فلم يكن له ظن وحديث أبي سعيد على من له رأي وظن يعمل بظنه جمعا بين الحديثين وعملا بهما فيكون أولى ولأن الظن دليل في الشرع فوجب اتباعه كما لو اشتبهت عليه القبلة واختار ابن مسعود التفريق بين الإمام والمنفرد فجعل الإمام يبني على الظن ، والمنفرد يبني على اليقين ، وهو الظاهر في المذهب نقله عن الخرقي أحمد وغيره والمشهور عن الأثرم البناء على اليقين في حق المنفرد ، لأن الإمام له من ينبهه ويذكره إذا أخطأ الصواب ، فليعمل بالأظهر عنده ، فإن أصاب أقره المأمومون ، فيتأكد عنده صواب نفسه ، وإن أخطأ سبحوا به ، فرجع إليهم ، فيجعل له الصواب على كلتا الحالتين ، وليس كذلك المنفرد ، إذ ليس له من يذكره ، فيبني على اليقين ، ليحصل له إتمام صلاته ، ولا يكون مغرورا بها ، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام { أحمد } . : لا غرار في الصلاة
وعلى هذا يحمل حديث أبي سعيد على المنفرد ، وحديث وعبد الرحمن بن عوف على الإمام ، جمعا بين الأخبار ، وتوفيقا بينها . فإن استوى الأمران عند الإمام ، بنى على اليقين أيضا . وعلى الرواية الثانية يحمل حديث ابن مسعود أبي سعيد وعبد الرحمن على من لا ظن له ، وحديث على من له ظن . ابن مسعود
فأما قول أصحاب الرأي فيخالف السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أبو هريرة } متفق عليه . ولأنه شك في الصلاة فلم يبطلها ، كما لو تكرر ذلك منه . وقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا غرار ) . يعني لا ينقص من صلاته . ويحتمل أنه أراد لا يخرج منها وهو في شك من تمامها ، ومن بنى على اليقين لم يبق في شك من تمامها ، وكذلك من بنى على غالب ظنه فوافقه المأمومون ، أو ردوا عليه غلطه ، فلا شك عنده . إن أحدكم إذا قام فصلى ، جاءه الشيطان فلبس عليه ، حتى لا يدري كم صلى ؟ فإذا وجد ذلك أحدكم ، فليسجد سجدتين وهو جالس
( 896 ) فصل : ومتى بنى على اليقين ، إماما كان أو منفردا ، وأتى بما بقي من صلاته [ ص: 376 ] وسجد للسهو قبل السلام ; لأن الأصل البناء على اليقين ، وإنما جاز تركه في حق الإمام ، لمعارضته الظن الغالب ، فإذا لم يوجد وجب الرجوع إلى الأصل . استوى عنده الأمران