[ ص: 276 ] مسألة : قال : ( وإذا ، لم يقتل ، حتى يقدم الغائب ويبلغ الطفل ) وجملته أن ورثة القتيل إذا كانوا أكثر من واحد ، لم يجز لبعضهم استيفاء القود إلا بإذن الباقين ، فإن كان بعضهم غائبا ، انتظر قدومه ، ولم يجز للحاضر الاستقلال بالاستيفاء ، بغير خلاف علمناه ، وإن كان بعضهم صغيرا أو مجنونا ، فظاهر مذهب قتل وله وليان ; بالغ ، وطفل أو غائب رحمه الله أنه ليس لغيرهما الاستيفاء حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون . وبهذا قال أحمد ، ابن شبرمة ، وابن أبي ليلى ، والشافعي ، وأبو يوسف وإسحاق ، ويروى عن ، رحمه الله عمر بن عبد العزيز
وعن ، رواية أخرى : للكبار العقلاء استيفاؤه . وبه قال أحمد حماد ، ، ومالك والأوزاعي ، ، والليث ; لأن وأبو حنيفة رضي الله عنهما ، قتل الحسن بن علي ابن ملجم ، قصاصا ، وفي الورثة صغار ، فلم ينكر ذلك ، ولأن ولاية القصاص هي استحقاق استيفائه ، وليس للصغير هذه الولاية . ولنا ، أنه قصاص غير متحتم ، ثبت لجماعة معينين ، فلم يجز لأحدهم استيفاؤه استقلالا ، كما لو كان بين حاضر وغائب ، أو أحد بدلي النفس ، فلم ينفرد به بعضهم كالدية ، والدليل على أن للصغير والمجنون فيه حقا أربعة أمور ; أحدها ، أنه لو كان منفردا لاستحقه ، ولو نافاه الصغر مع غيره لنافاه منفردا ، كولاية النكاح .
والثاني ، أنه لو بلغ لاستحق ، ولو لم يكن مستحقا عند الموت لم يكن مستحقا بعده ، كالرقيق إذا عتق بعد موت أبيه . والثالث : أنه لو صار الأمر إلى المال ، لاستحق ، ولو لم يكن مستحقا للقصاص لما استحق بدله ، كالأجنبي . والرابع : أنه لو مات الصغير لاستحقه ورثته ، ولو لم يكن حقا لم يرثه ، كسائر ما لم يستحقه ، فأما ابن ملجم ، فقد قيل : إنه قتله بكفره ، لأنه قتل مستحلا لدمه ، معتقدا كفره ، متقربا بذلك إلى الله تعالى . وقيل : قتله لسعيه في الأرض بالفساد ، وإظهار السلاح ، فيكون كقاطع الطريق إذا قتل . وقتله متحتم ، وهو إلى الإمام ، عليا والحسن هو الإمام ، ولذلك لم ينتظر الغائبين من الورثة . ولا خلاف بيننا في وجوب انتظارهم ، وإن قدر أنه قتله قصاصا ، فقد اتفقنا على خلافه ، فكيف يحتج به بعضنا على بعض .