قال المفرقون بين بعض صوره وبعض - وهم أصحاب مالك - إذا ، أو ملكتك أمرك ، فذاك تمليك . وإذا قال اختاري فهو تخيير ، قالوا : والفرق بينهما حقيقة وحكما . أما الحقيقة فلأن " اختاري " لم يتضمن أكثر من تخييرها ، لم يملكها نفسها ، وإنما خيرها بين أمرين ، بخلاف قوله أمرك بيدك ، فإنه لا يكون بيدها ، إلا وهي مالكته ، وأما الحكم فلأنه إذا قال لها : أمرك بيدك ، أو جعلت أمرك إليك ، فالقول قوله مع يمينه ، وإذا قال لها : أمرك بيدك ، وقال أردت به واحدة ، وقعت ، ولو قال أردت واحدة ، إلا أن تكون غير مدخول بها ، فالقول قوله في إرادته الواحدة . قالوا : لأن التخيير يقتضي أن لها أن تختار نفسها ، ولا يحصل لها ذلك إلا بالبينونة ، فإن كانت مدخولا بها لم تبن إلا [ ص: 266 ] بالثلاث ، وإن لم تكن مدخولا بها بانت بالواحدة ، وهذا بخلاف : أمرك بيدك ، فإنه لا يقتضي تخييرها بين نفسها وبين زوجها ، بل تمليكها أمرها ، وهو أعم من تمليكها الإبانة بثلاث أو بواحدة تنقضي بها عدتها ، فإن أراد بها أحد محتمليه ، قبل قوله ، وهذا بعينه يرد عليهم في " اختاري " ، فإنه أعم من أن تختار البينونة بثلاث أو بواحدة تنقضي بها عدتها ؛ بل " أمرك بيدك " أصرح في تمليك الثلاث من " اختاري " لأنه مضاف ومضاف إليه ، فيعم جميع أمرها . بخلاف " اختاري " ، فإنه مطلق لا عموم له ، فمن أين يستفاد منه الثلاث ؟ وهذا منصوص قال اختاري ، فطلقت نفسها ثلاثا ، فإنه قال في اختاري : إنه لا تملك به المرأة أكثر من طلقة واحدة ، إلا بنية الزوج ، ونص في " أمرك بيدك ، وطلاقك بيدك ، ووكلتك في الطلاق " : على أنها تملك به الثلاث . وعنه رواية أخرى : أنها لا تملكها إلا بنيته . الإمام أحمد