قالوا : وأيضا فالتوكيل لا يعقل معناه هاهنا ، فإن الوكيل هو الذي يتصرف لموكله لا لنفسه ، والمرأة هاهنا إنما تتصرف لنفسها ولحظها ، وهذا ينافي تصرف الوكيل . قال أصحاب التوكيل : واللفظ لصاحب " المغني " : وقولهم إنه توكيل لا يصح ، فإن الطلاق لا يصح تمليكه ، ولا ينتقل عن الزوج ، وإنما ينوب فيه غيره [ ص: 265 ] عنه ، فإذا استناب غيره فيه ، كان توكيلا لا غير .
قالوا : ولو كان تمليكا ، لكان مقتضاه انتقال الملك إليها في بضعها ، وهو محال ، فإنه لم يخرج عنها ، ولهذا لو وطئت بشبهة كان المهر لها لا للزوج ، ولو ملك البضع لملك عوضه ، كمن ملك منفعة عين كان عوض تلك المنفعة له .
قالوا : وأيضا فلو كان تمليكا لكانت المرأة مالكة للطلاق ، وحينئذ يجب أن لا يبقى الزوج مالكا لاستحالة كون الشيء الواحد بجميع أجزائه ملكا لمالكين في زمن واحد ، والزوج مالك للطلاق بعد التخيير ، فلا تكون هي مالكة له بخلاف ما إذا قلنا : هو توكيل واستنابة ، كان الزوج مالكا ، وهي نائبة ووكيلة عنه .
قالوا : وأيضا فلو حنث ، فدل على أنها نائبة عنه ، وأنه هو المطلق . قال لها : طلقي نفسك ، ثم حلف أن لا يطلق ، فطلقت نفسها
قالوا : وأيضا فقولكم : إنه تمليك ، إما أن تريدوا به أنه ملكها نفسها ، أو أنه ملكها أن تطلق ، فإن أردتم الأول لزمكم أن يقع الطلاق بمجرد قولها : قبلت ؛ لأنه أتى بما يقتضي خروج بضعها عن ملكه ، واتصل به القبول ، وإن أردتم الثاني فهو معنى التوكيل ، وإن غيرت العبارة .