فصل :
285 - ذكر - رحمه الله - في دلائل النبوة ، حدثنا أبو الشيخ جبير بن هارون ، ثنا ، ثنا علي بن محمد الطنافسي المحاربي ، عن عبد الواحد بن أيمن المكي ، عن أبيه ، قال : قلت - رضي الله عنه - : حدثني بحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعته منه أرويه عنك ، قال : لجابر بن عبد الله الخندق نحفر الخندق ، فعرضت فيه كدية ، وهي الجبل ، فقلنا : يا رسول الله ، إن كدية قد عرضت فيه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رشوا عليها الماء ، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأتاها ، وبطنه معصوب بحجر من الجوع ، فأخذ المعول ، والمسحاة ، فسمى ثلاثا ، ثم ضرب ، فعادت كثيبا أهيل ، فقلت له : ائذن لي يا رسول الله ، آتي المنزل ، ففعل ، فأتيت المرأة ، فقلت : هل عندك من شيء ، فقالت : عندي صاع من شعير ، وعناق ، فطحنت الشعير ، وعجنت ، وذبحت العناق ، وسلختها ، وخليت بين المرأة وبين ذلك ، ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فجلست عنده ساعة ، ثم قلت : ائذن لي يا رسول الله ، ففعل ، فأتيت المرأة ، فإذا العجين واللحم قد أمكنا ، فرجعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت : إن عندنا طعيما لنا ، فقم يا رسول الله ، ورجلان [ ص: 209 ] من أصحابك ، فقال : وكم هي ؟ قلت : صاع من شعير ، وعناق ، قال : ارجع إلى أهلك ، فقل لها : لا تنزع البرمة من الأثافي ، ولا تخرج الخبز من التنور حتى آتي ، ثم قال للمسلمين جميعا : قوموا إلى جابر ، فقاموا ، فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلا الله ، قلت : جاءنا الخلق على صاع شعير ، وعناق ، فدخلت على امرأتي ، فقلت : افتضحت ، جاءك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجند أجمعين ، فقالت : هل كان سألك كم طعامك ؟ قلت : نعم ، قالت : فالله ورسوله أعلم ، فكشفت عني غما شديدا ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : خذي ، ودعي من اللحم ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يثرد ، ويغرف من اللحم ، ثم يخمر ، ويخمر هذا ، فما زال يغرف للناس حتى شبعوا أجمعون ، ويعود التنور ، والقدر أملأ ما كانا ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كل ، وأهد ، فلم نزل نأكل ، ونهدي يومنا ، قال : وأخبرني أنه كانوا ثمان مائة . كنا يوم