39 - نمرود ، وعظم سلطانه ، وعتوه وتمرده ، وتسليط الله تعالى أضعف خلقه عليه احتقارا له ، وتهاونا بشأنه ذكر
985 - 1 حدثنا محمد بن هارون ، حدثنا حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا عبد الله بن وهب ، ابن زيد بن أسلم ، في قوله - تبارك وتعالى - : ( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ) ، قال : " هو نمرود بن كنعان ، وكان بالموصل ، والناس يأتونه ، فإذا دخلوا عليه ، قال : من ربكم ؟ فيقولون : أنت ، فيقول أميروهم ، فلما دخل إبراهيم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما كثيرا - ، ومعه بعير ، خرج يمتار لولده . قال : فعرضوهم كلهم فيقولون : من ربك ؟ فيقولون : أنت ، فيقولون : أميروهم حتى عرض إبراهيم - عليه السلام - مرتين ، فقيل : من ربك ؟ فيقول : ربي الذي يحيي ويميت ، قال : أنا أحيي وأميت ، إن شئت قتلتك وأمتك ، وإن شئت استحييتك . فقال إبراهيم : ( فإن الله يأتي بالشمس من المشرق ، فأت بها من المغرب ، فبهت الذي كفر ) ، [ ص: 1510 ] فقال : أخرجوا هذا عني ، فلا تميروه شيئا ، فخرج القوم كلهم قد امتاروا ، وجوالقا إبراهيم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - يصطفقان حتى إذا نظر إلى سواد جبال أهله . قال : لو أني ملأت هذين الجوالقين من البطحاء ، فذهبت بهما قرت أعين صبياني ، فإذا كان الليل أهرقته ، قال : فملأهما ثم خيطهما ، ثم جاء بهما ، فنزل عليه الصبيان وفرحوا ، وألقى رأسه في حجر سارة ساعة ، ثم قالت : ما يحبسني قد جاء إبراهيم - عليه السلام - ، لو قد قمت وصنعت له طعاما إلى أن يقوم ، قال : فأخذت وسادة فأدخلتها مكانها ، وانسلت قليلا قليلا ؛ لئلا توقظه ، فجاءت إلى إحدى الغرارتين ففتحتها ، فإذا بحواري لم ير مثله عند أحد قط ، [ ص: 1511 ] فأخذت منه فعجنته وصنعته ، فلما فرغت أتت توقظ إبراهيم - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام - ، جاءته به حتى وضعته بين يديه ، فقال : أي شيء هذا ؟ يا سارة ! قالت : هذا من جواليقك ، لقد جئت وما عندنا قليل ولا كثير ، قال : فذهب ، فنظر إلى الجوالق الآخر ، فإذا هو مثله ، فعرف من أين ذلك .