وذلك بأن يكون التعليل لازما من مدلول اللفظ وضعا لا أن يكون اللفظ دالا بوضعه على التعليل ، وهو ستة أقسام :
القسم الأول : في كلام الله أو رسوله أو الراوي عن الرسول . ترتيب الحكم على الوصف بفاء التعقيب والتسبيب
أما في كلام الله فكما في قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) ، ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ) .
وأما في كلام رسوله فكقوله - عليه السلام - : " " من أحيا أرضا ميتة فهي له [1] ، وقوله : "
ملكت نفسك فاختاري
" .[2] وأما في كلام الراوي فكما في قوله : ( ) ، ( سها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة فسجد ماعز فرجمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) . وزنا
وذلك في جميع هذه الصور يدل على أن ما رتب عليه الحكم ( بالفاء ) يكون علة للحكم لكون ( الفاء ) في اللغة ظاهرة في التعقيب ، ولهذا فإنه لو قيل : " جاء زيد فعمرو " فإن ذلك يدل على مجيء عمرو عقيب مجيء زيد من غير مهلة ، ويلزم من ذلك السببية لأنه لا معنى لكون الوصف سببا إلا ما ثبت الحكم عقيبه ، وليس ذلك قطعا بل ظاهرا [ ص: 255 ] لأن ( الفاء ) في اللغة قد ترد بمعنى ( الواو ) في إرادة الجمع المطلق ، وقد ترد بمعنى ( ثم ) في إرادة التأخير مع المهلة ، كما سبق تعريفه غير أنها ظاهرة في التعقيب بعيدة فيما سواه .
وهذه الرتب متفاوتة ، فأعلاها ما ورد في كلام الله تعالى ، ثم ما ورد في كلام رسوله ، ثم ما ورد في كلام الراوي .
وسواء كان فقيها أو لم يكن ، لكنه إن كان فقيها كان الظن بقوله أظهر ، وإذا لم يكن فقيها وإن كان في أدنى الرتب غير أنه مغلب على الظن ; لأنه إذا قال : سها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسجد ، فالظاهر من حاله مع كونه متدينا عالما بكون ( الفاء ) موضوعة للتعقيب ، أنه لو لم يفهم أن السهو سبب للسجود ، وإلا لما رتب السجود على السهو بالفاء لما فيه من التلبيس بنقل ما يفهم منه السببية ، ولا يكون سببا بل ولما كان تعليقه للسجود بالسهو أولى من غيره .