قال : وإذا شهد الرجل من أهل الشافعي الكوفة في مصر غير مصره بالشهادة وزكي هناك ، وكتب بذلك قاضي الكوفة فشهد قوم من أهل الكوفة أن ذلك الشاهد فاسق ، فإن أبا حنيفة كان يقول : شهادتهم عليه لا تقبل أنه فاسق وبه يأخذ ، وكان يرد شهادتهم ويقبل قولهم ، واعتل ابن أبي ليلى النعمان بأنه قد غاب عن الكوفة سنين فلا ندري ما أحدث ، ولعله قد تاب .
وكان يقول : الشافعي مصر بشهادة فعدلا [بمكة] وكتب بها قاضي مكة إلى قاضي مصر ، فسأل المشهود عليه قاضي مصر أن يأتيه بشهود على جرحهما ، فإن كان يجرحهما بعداوة ، أو ظنة ، أو ما ترد به شهادة العدل قبل ذلك منه ، وردهما عنه . [ ص: 347 ] وإذا شهد الرجلان من أهل
وإن جرحهما بسوء حال في أنفسهما ، نظر إلى المدة التي زايلا فيها مصر ، وصارا إلى مكة فإن كانت مدة يتغير الحال في مثلها التغير الذي كانا بمصرهما مجروحين فتغيرا إليها ، قبلت شهادتهما ، قبل القاضي شهادتهما ، ولم يلتفت إلى الجرح; لأن الجرح متقدم ، وقد حدث لهما حال بعد الجرح صارا بها غير مجروحين ، وإن لم تكن أتت عليهما مدة تقبل فيها شهادتهما إذا تغيرا قبل عليهما الجرح; لأن الجرح أولى من التعديل .
وقال جرير عن مغيرة : أول من سأل عن الشهود في السر ، وقال ابن شبرمة الجوهري : كان يسمي الذين يسألون عن الشهود الهداهد فأتاه رجل فسأل عنه فأسقط ، فكلمه في ذلك ، فأنشأ ابن شبرمة يقول : عبد الله بن شبرمة
سألنا فلم يألوا وعم سؤالنا فكم من كريم طحطحته الهداهد
وكان يرى إذا كثرت شهادات رجل ، وإن كان عدلا أن يحدث القاضي المسألة عنه سرا وجهرا; لأن الحالات تحدث . مالكقال : وقد قال هذا غير أبو بكر [ . . . ] . [ ص: 348 ] مالك