: والمعارضة تنقسم إلى ثلاثة أقسام
معارضة في الأصل .
ومعارضة في الفرع .
ومعارضة في الوصف .
أما : فبأن يذكر علة أخرى في الأصل سوى العلة التي علل بها المستدل ، وتكون تلك العلة معدومة ( في الفرع ) ويقول : إن الحكم في الأصل إنما [ ص: 668 ] كان بهذه العلة التي ذكرها المعترض ، لا بالعلة التي ذكرها المستدل . المعارضة في الأصل
قال ابن السمعاني ، والصفي الهندي : وهذا هو سؤال الفرق .
وذكر بعض أهل الأصول : أنه لا فرق بين أن تكون العلة التي يبديها المعترض مستقلة بالحكم ، كمعارضة الكيل بالطعم ، أو غير مستقلة ، بل هي جزء علة ، كزيادة الجارح في القتل العمد العدوان في مسألة القتل بالمثقل ، وهذا إذا كانت العلة التي جاء بها المعترض مسلمة من خصمه ، أو محتملة احتمالا راجحا ، أما إذا تعارضت الاحتمالات ، فقيل : يرجح وصف المستدل .
وقيل : وصف المعترض .
وقيل : لا وجه لترجيح أحدهما على الآخر ، بل هو من التحكيم المحض .
ثم اختلفوا مع عدم الترجيح هل تقتضي هذه المعارضة إبطال دليل المستدل أم لا ؟ على قولين ، حكاهما الأستاذ أبو منصور .
ثم اختلفوا هل يجب على المعترض بيان انتفاء الوصف الذي عارض به الأصل عن الفرع على أقوال :
( الأول ) : أنه لا يجب ، بل على المستدل أن يبين ثبوته في الفرع ، ليصح الإلحاق وإلا بطل الجمع .
( الثاني ) : أنه يجب على المعترض البيان ; لأن الفرق لا يتم إلا بذلك .
( الثالث ) : أنه إن قصد الفرق بين الأصل والفرع ; وجب عليه ذلك ، وإلا لم يجب وهو اختيار الآمدي وابن الحاجب .
وجواب هذه المعارضة يكون إما بمنع وجود الوصف في الأصل ، أو بمنع المناسبة ، أو منع الشبه ، إن أثبته بأحدهما ; لأن المعارضة لا تتم من المعترض ، إلا إذا كان الوصف الذي عارض به في الأصل مناسبا أو شبها ، إذ لو كان طرديا لم تصح المعارضة ، أو بمنع كون الوصف الذي أبداه المعترض ظاهرا ، أو بمنع كونه منضبطا ، أو ببيان إلغاء الوصف الذي وقعت به المعارضة أو ببيان رجوعه إلى عدم وجود وصف في الفرع ، لا [ ص: 669 ] إلى ثبوت معارض في الأصل .
وأما : فهي أن يعارض حكم الفرع بما يقتضي نقيضه ، أو ضده ، بنص أو إجماع ، أو بوجود مانع ، أو بفوات شرط ، فيقول : ما ذكرت من الوصف ، وإن اقتضى ثبوت الحكم في الفرع ، فعندي وصف آخر ، يقتضي نقيضه ، أو ضده ، بنص هو كذا ، أو إجماع على كذا ، أو بوجود مانع ، لما ذكرته من الوصف ، أو بفوات شرط له . المعارضة في الفرع
وقد قبل هذا الاعتراض ، أعني المعارضة في الفرع ، بعض أهل الأصول والجدل ، ونفاه آخرون فقالوا : إن دلالة المستدل على ما ادعاه قد تمت .
قال الصفي الهندي : وهو ظاهر إلا فيما إذا كانت المعارضة بفوات شرط .
وأما فهي على قسمين : المعارضة في الوصف
( أحدهما ) : أن يكون بضد حكمه .
( والثاني ) : أن يكون في عين حكمه ، مع تعذر الجمع بينهما .
مثال الأول : أن يقول المستدل في الوضوء : إنها طهارة حكمية ، فتفتقر إلى النية ، قياسا على التيمم .
فيقول المعارض : طهارة بالماء ، فلا تفتقر إلى النية ، قياسا على إزالة النجاسة ، فلا بد عند ذلك من الترجيح .
ومثال الثاني : أن يقول المعترض : نفس هذا الوصف الذي ذكرته يدل على خلاف ما تريده ، ثم يوضح ذلك بما يكون محتملا .