[ ص: 375 ] المسألة الرابعة عشرة : في الخطاب الشفاهي
الخطاب الوارد شفاها في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحو : يا أيها الناس ، يا أيها الذين آمنوا ، ويسمى خطاب المواجهة .
قال الزركشي : لا خلاف في شموله لمن بعدهم من المعدومين حال صدوره ، لكن هل هو باللفظ أو بدليل آخر من إجماع أو قياس .
فذهب جماعة من الحنفية والحنابلة إلى أنه يشملهم باللفظ ، وذهب الأكثرون إلى أنه لا يشملهم باللفظ لما عرف بالضرورة من دين الإسلام أن كل حكم تعلق بأهل زمانه صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو شامل لجميع الأمة إلى يوم القيامة ، كما في قوله سبحانه لأنذركم به ومن بلغ وقوله صلى الله عليه وآله وسلم وقوله تعالى بعثت إلى الناس كافة هو الذي بعث في الأميين رسولا إلى قوله ، وآخرين منهم لما يلحقوا بهم قال ابن دقيق العيد في شرح العنوان : الخلاف في أن خطاب المشافهة هل يشمل غير المخاطبين قليل الفائدة ولا ينبغي أن يكون فيه خلاف عند التحقيق ; لأنه إما أن ينظر إلى مدلول اللفظ لغة ، ولا شك أنه لا يتناول غير المخاطبين ، وإما أن يقال إن الحكم يقصر على المخاطبين ، إلا أن يدل دليل على العموم في تلك المسألة بعينها ، وهذا باطل ، لما علم قطعا من الشريعة أن الأحكام عامة إلا حيث يرد التخصيص . انتهى .
وبالجملة فلا فائدة لنقل ما احتج به المختلفون في هذه المسألة ; لأنا نقطع بأن الخطاب الشفاهي إنما يتوجه إلى الموجودين باعتبار اللفظ لا إلى المعدومين ونقطع بأن غير [ ص: 376 ] الموجودين ، وإن لم يتناولهم الخطاب ، فلهم حكم الموجودين في التكليف بتلك الأحكام ، حيث كان الخطاب مطلقا ، ولم يرد ما يدل على تخصيصهم بالموجودين .