السؤال
أبي كان يخرج زكاته بالسنة الميلادية، وتقريباً في نصف شهر أكتوبر كما يقول، وبناء على ذلك فلي أسئلة:
1ـ أعلم أن السنة الشمسية تزيد على السنة القمرية بما يقارب أحد عشر يوماً، فهل يتم حساب 11 يوماً الزائدة من السنة الميلادية حتى يقطع الشك باليقين في تلك السنوات بما يغلب على ظنه، وإذا أكملت تلك الأيام 12 شهراً، فهل يجوز إخراج زكاة تلك الشهور القديمة التي أكملت 12 شهراً على النصاب الجديد الحالي؟ لأن النصاب القديم الذي كان يخرج ربما يكون قد تغير وأضاف إليه مالا فنمى أكثر، لأنني لا أدري عن مال أبي شيئاً وقد سألته هل نصاب مالك يزيد؟ فقال لا، وأرى أنه غير صادق، فأي نصاب وحول يخرج عليه؟.
2ـ هل يخرج من هذه الحيرة ويتم حساب حول جديد من هذا الشهر الهجري الموافق للميلادي ـ ويعفو الله عما سلف؟ أم يقوم بتقديم إخراج الزكاة على أساس أن التقديم جائز عند العلماء، لأن الزكاة لا تسقط عن العبد، بل تظل في ذمته.
3ـ أبي وأمي كانا يخرجان الزكاة على شكل أقساط متأخرة ـ أي إذا كانت الزكاة المكتوبة عليهم 1000 جنيه فإنهما يخرجانها على أقساط من بداية الحول وقبل انتهائه، فمرة 300، ومرة 600 وهكذا ـ مع أنهما ميسورا الحال، وقد قلت لهما إن هذا لا يجوز، كما قال العلماء.
4ـ أبي وأمي غير ملتزمين في أمور عديدة، لكنهما يصليان، وإن كانا يؤخرانها في كثير من الأحيان من غير عذر، وأبي لا يصلي في المسجد وأحياناً يترك صلاة الجمعة بحجة أن أمي تذهب لصلاة الجمعة، تكلمت معه في أمر اللحية أنها واجبة، لكن دون جدوى، ناهيكم عن التلفاز الذي قد حذرت أمي منه كثيراً وبالطبع أبي يشاهد ما تشاهده أمي من مسلسلات وبرامج بها اختلاطات وموسيقى وغيرها، وأشكركم جزيلاً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأولا: ننبه السائل إلى أن المال المزكى عنه لا يسمى نصابا، وإنما النصاب هو القدر الذي إذا وصل إليه المال وجبت فيه الزكاة، وتحديده يختلف باختلاف أنواع الأموال، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19959.
ثانيا: إن كان والدك قد أخرج الزكاة بالتقويم الميلادي جهلا منه بوجوب إخراجها بالتقويم القمري، فلا إثم عليه ـ إن شاء الله ـ لعموم قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}.
لكن يجب عليه إخراجها بناء على التقويم القمري للسنوات القادمة، أما إن كان عالما بذلك، فإنه يأثم بتأخير إخراجها عن وقت وجوبها الشرعي، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية: من وجبت عليه زكاة وأخرها بغير عذر مشروع أثم، لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها.
ثالثا: بالنسبة لإخراج الزكاة على أقساط: إن كانت الأقساط معجلة عن وقت وجوب إخراج الزكاة، فلا بأس، أما إن كانت متأخرة عنه، فلا يجوز، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 198237، ورقم: 20324.
ثالثا: يجب إخراج الزكاة في يوم اكتمال الحول، كما سبق في الفتوى رقم: 40803.
وعليه؛ فإذا وجبت الزكاة في أول الشهر، فلا يجوز تأخيرها عنه إلى وسطه أو آخره دون عذر شرعي.
رابعا: لا يلزم إعادة إخراج الزكوات التي أخرجها والدك في السنوات الماضية، بل هي صحيحة مبرئة لذمته ـ إن شاء الله ـ غاية ما هنالك أنه تأخر عن إخراجها عن وقتها الشرعي، وقد سبق الكلام عن حكم تأخيرها.
خامسا: أما عن اختلاف قدر المال المزكى عنه على مدار تلك السنين، وإنكار والدك للزيادة، فهو أدرى بذلك، وهو المسئول عنه أمام ربه، وإذا ثبت وجود فارق بين قدر المال المزكى عنه عند احتساب زكاته بالتقويم الميلادي وبين قدره عند احتسابها بالتقويم القمري، فيجب على والدك إخراج ما يغلب على ظنه أنه يعادل زكاة هذه الفوارق على مدار تلك السنين، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد ولو كان تأخيره لمدة سنوات، فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. اهـ.
والواجب الآن تدارك ذلك التأخير بتصحيح الخطأ في الحول والتحقق من أول حول قمري وجبت عليه الزكاة فيه، وذلك بالرجوع إلى التقويم، وتحويل التاريخ حتى يتم تحديد التاريخ الهجري المطلوب إخراج الزكاة فيه، وتراجع الفتوى رقم: 157753.
كما تجب المبادرة بإخراج الزكاة المتأخرة، وإذا تراكم التأخير حتى بلغ اثني عشر شهرا، فيكون إخراج زكاة العام المتأخرة إضافة إلى زكاة العام الحالي، كما ننصحك بالاستمرار في نصح والديك وتذكيرهما بالله سبحانه، وراجع بخصوص نصح الوالدين والإنكار عليها الفتاوى التالية أرقامها: 139535، 141002، 61774، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم