السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قد يطول حديثي عن المشكلة المطروحة أمامكم، لكن يغلبني الأمل بأنه دائماً هناك النفوس الرحبة المملوءة بنور الله والتي يمكنها الصبر على طول الحديث.
في الواقع إنها مشكلة أخي الأكبر الذي جاء لأبي وأمي المسافرين للعمل بإحدى دول الخليج، لكن أقاربنا في مصر طلبوا أن يظل هنا لرعايته خاصة أنه أول الأحفاد، فظل حتى سن الرابعة أو الخامسة وقد أسرف الجميع في تدليله .
بعدها سافر معهما، لكن عمتي التي كانت معنا في نفس العقار طلبت أن يجلس معها أيضاً أطول فترة ممكنة، حيث لم تكن قد رزقت بالأولاد بعد، واستمر مسلسل التدليل الزائد حتى سن السابعة أو الثامنة.
نشأ أخي بعدها فاشلاً في دراسته في دلال أبيه وأمه الزائد عنا، فنشأ عصبياً، إلا أنه لم يترك فرائض ربه والأذكار حتى طوال دراسته في كلية الصيدلة الخاصة، وبعد التخرج بدأ الأمر في التغير فجأة خلال فترة الجيش التي قضاها بأحد المستشفيات، حيث أحيط بالانحلال الأخلاقي للممرضات العاملات بذلك المستشفى، وبعد فترة بدأ في الغياب عن البيت بالأيام، بحجة أنه مضطر لذلك؛ لأنه في الطوارئ بالمستشفى.
صدقناه وقتها، بدأ حاله بالتغير كثيراً بعد فترة من التجنيد، انقطع عن الصلاة تماماً وعن ذكر الله، وبدأ نشاطاً دوائياً تجارياً مشبوهاً لكنه غير ممنوع قانوناً، وبدأ يفكر في جمع الأموال بشراهة، معاملة حقيرة لكل أفراد البيت واتهامه الدائم لنا أننا دمرناه نفسياً، نظرات عينيه تغيرت تماماً، صارت لامعة وشريرة بشكل ملحوظ تماماً مع مرور الوقت بعد ما كان يغلفها نظرات بريئة وطيبة جداً.
اختلف مع كل أصدقائه بلا استثناء، انقطعوا عنه بعدما رأوا ذلك التغير الشيطاني الشنيع، قام بسحب كل الأموال التي أودعها له والدي بحجة العمل الدوائي دون أن نملك فعل شيء حيال ذلك، وبعد أيام قلائل بدأ يتصل بنا فجراً من المناطق النائية وقد أهلكه البكاء على ما يفعل، ولكنه يبرر هذا بأنه لا يستطيع فعل شيء لنفسه، ويغرق في الأعذار حتى يعود إلى البيت وسط تقطع قلوبنا جميعاً على حاله الذي لا يعلمه إلا المولى عز وجل.
مرت الأيام واكتشف أبي حقيقة مؤلمة، فقد قام أخي باستئجار شقة مفروشة، وكان على علاقة بإحدى الساقطات من الممرضات، علاقة دامت أكثر من عام، وهي التي لم تكمل الدراسة الإعدادية ومتزوجة ولديها ولدان، وهي في خلاف على قضايا مع والدها وزوجها ووالدتها، وعلمنا أن أخي يصرف كل أمواله عليها وعلى أولادها وعلى قضاياها، وأقنعته أنها ستخلع زوجها لتتزوجه، وساءت علاقته بالجميع أكثر وأكثر، حتى أنه لم يعد يكترث بموت أي عزيز عليه على الإطلاق، وهو يطيع أوامر تلك الساقطة بشكل لا يمكن وصفه، كلمناه جميعاً عسى أن يفلح أحدنا في انثنائه عما يدور في خلده، ولكن هيهات.
انتهت أيام الجيش والتزم إلى حد ما بالبيت، على الأقل ليلاً، لكن وبعد فترة ضاق به الحال ولم يعد إلى البيت لعدة أيام، وبعد أيام قلائل بدأ يتصل بنا فجراً وقد أهلكه البكاء على ما يفعل، ولكنه يبرر هذا بأنه لا يستطيع فعل شيء لنفسه ويغرق في الأعذار ويطلب منا السماح، وطلب وقتاً ليفكر ثم يعود، ولم يعد، فذهب والدي وعمي اللذين كانا يسترقان النظر إليه طوال تلك الفترة، ذهبا إلى مكان عمله، وطلبوا منه أن يحضر إلى البيت للحديث وتصفية ذلك الموضوع سريعاً، وأحضروه، وخلال الجلسة أخذ ينكر أي علاقة مشبوهة له مع تلك الساقطة، ويدعي أنها رجعت إلى الله، ونحن على يقين على عكس ذلك تماماً، وتحول الجو إلى ضبابة من العصبية المحسوبة، وعندما وجد نفسه وقد وقع في موقف لا يمكنه الدفاع عن شيء انطلق إلى حجرته وقد انطلقت منه عصبية لم نعهد مثلها طوال حياتنا، وأخذ يخنق نفسه حتى استطعنا لحاقه، فضرب مرآة بيده فقطع وتراً ووريداً وشرياناً وصرخ بحدة.
أسوأ ما في ذلك أنه كان صراخه كعواء ذئب وقال: أنا كافر .
تم علاج أخي بعد جراحة في يده، لكنه كان يدعو على الظالمين الذين سببوا له كل هذا، (نحن في رأيه)، ويبكى بكاءً حاراً ويدعو للمظلومة الساقطة، استشرنا بعض أقاربنا دون أن نجد حلاً، لكن أحدهم سأل صديقاً له والذي سأل أحد السحرة دون أن يعلم حرمة هذا الفعل، فسأل عن اسم أخي وأخبرهم أن امرأة متزوجة ولها أولاد قد أشربته سحراً قوياً في كأس من الشاي، وله فترة طويلة في جسده، حتى صار يجري في دمائه، وأعد لنا عملاً من السحر لوضعه تحت سريره ولكن قرأنا عليه المعوذات وأحرقناه تماماً.
سألنا بعض المشائخ عن حاله فأجابوا أن احتمال السحر قائم بدرجة كبيرة، لكن عليهم أولاً أن ينظروا إليه وإلى عينيه للتأكد التام، وعرضوا علاجه مجاناً إن كان به أذى من السحر.
تم علاج أخي وتحركت يده كما كانت تماماً في فترة أقل، مما أدهش الأطباء المعالجين الذين عاملهم أخي بازدراء .
بعد أن صرف والدي على علاجه أخذ مفاتيح سيارته وأوراقه كلها خلسة منا ورحل ولم نعد نعرف هل سيعود أم لا؟ وإن أحضر له من يعالجه هل مشروطاً في العلاج موافقته؟ علماً بأننا واثقون تماماً من أنه سيرفض أي علاج من أي قارئ .
وبعد كل هذا ها نحن نعيش في عذاب دائم لأجله، حيث نراه يدمر نفسه ومستقبله تماماً دون أن يدري، وقد ازدادت نظراته شراً وجحوظاً وشروداً بعد الجراحة بشكل ملحوظ تماماً.
ندعو الله العلي القدير أن نجد عندكم الجواب والحل لما يلم بنا، لما نجده في نفوسنا من الثقة في الله على تسخيره من عباده من يعينون عباده على حل مشاكلهم وأمورهم، وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
(إن كان في القصة عبرة فلكم حرية نشرها، وإلا فيكفي أن أجد رداً على بريدي الإلكتروني Anas83Eg @ yahoo.com)